رفعت السفارة الأمريكية بالخرطوم علم المثليين إلى جانب علم أمريكا، وقالت إن الخطوة تأتي إحياء للذكرى السنوية الـ٥٣ لانتفاضة ما أسمته ستون وول، وقالت على صفحتها الرسمية بأنها تفخر برفع علم المثليين وتعلن تحالفها معهم، ودعمهم لحقوق الإنسان العالمية، وفق صحيفة الانتباهة. والجدير بالذكر أن منشور السفارة وجد استهجانا كبيرا من متابعي الصفحة الذين عبروا عن سخطهم وغضبهم جراء ما نشرته السفارة واعتبروها استفزازاً لمشاعر أهل السودان بتبني أفكار منافية لعاداتهم وتقاليدهم.
وهو استفزاز آخر واضح، وخطوة لا أخلاقية، ودون مراعاة لمشاعر أهل البلد؛ أهل الإيمان والتقوى، تقدم أمريكا على مثل هذا العمل الشنيع برفع علم المثليين على سفارتها؛ وكر المؤامرات، ضاربة بمشاعر المسلمين عرض الحائط، وهذا ليس بمستغرب على أمريكا بلد الفسق والفجور، فالمثلية وغيرها من الفواحش أصبحت عندها قضية تريد أن تنشرها في العالم ولا سيما في البلاد الإسلامية. وأوردت صحيفة رأي اليوم في 3/06/2022 تساؤلاً لماذا تُصِر السفارات الأمريكيّة على دعم المثليين واستفزاز المجتمعات المحافظة، ففي الكويت غردت السفارة الأمريكية برسالة دعم من بايدن للشواذ وعلم قوس قزح. وأيضا تغريدة سفارة واشنطن في إسلام أباد تدعم حقوق المثليين، فهي تريد بذلك تصدير مثل هذه الأفكار التي هي من صميم مبدئها، وقامت بأعمال عديدة في سبيل ذلك، فقد نشرت فرانس 24 خبراً في 07/02/2015 جاء فيه "أعلنت الناطقة باسم وزير الخارجية الأمريكي، ماري هارف، أن جون كيري سيعين موفدا خاصا لحقوق مثليي الجنس في العالم".
إن أمريكا في عهد باراك أوباما أولت اهتماما خاصا بهذه الفئة، وأدانت باستمرار الاعتراض عليهم، والذين تعد قضيتهم من أولويات إدارة أوباما، قالت الناطقة باسم وزير الخارجية الأمريكي ماري هارف إن "وزير الخارجية سيعلن تعيين موفد خاص لحقوق المثليين"، مؤكدة بذلك معلومات نشرتها جمعيات أمريكية تنشط في مجال الدفاع عن مثليي الجنس.
وتابعت الناطقة باسم كيري "نبقى بالتأكيد ملتزمين حماية الحقوق الإنسانية لكل الأشخاص والترويج لها بما في ذلك حقوق المثليين الموضوع الأساسي لوزير الخارجية كيري". ونشرت فرانس 24 في 7/2/2021 أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أوفى بوعده الانتخابي بانتهاج سياسة خارجية تحمل "القيم الديمقراطية الأمريكية"، عن طريق وضع حقوق الأقليات الجنسية في العالم بين أولوياته أكثر من أي رئيس أمريكي سابق، وقد كتب جو بايدن في مذكرة رئاسية قائلاً: "جميع البشر يجب أن يُعاملوا باحترام وكرامة ويجب أن يتمكنوا من العيش بدون خوف، بغض النظر عمن هم ومن يحبون"، وبذلك فهو يضع حقوق الأقليات الجنسية في العالم بين أولوياته، أكثر من أي رئيس أمريكي سابق وبخلاف سلفه دونالد ترامب.
وأعاد الرئيس الديمقراطي إطلاق مبادرة اتخذها عام 2011 الرئيس الأسبق باراك أوباما من أجل "الترويج لحقوق أفراد مجتمع الميم في أنحاء العالم"، ووعد بايدن خصوصاً بـ"حماية طالبي اللجوء خاصة المثليين والمتحوّلين ومزودجي الميل الجنسي". وطلب من حكومته مكافحة القوانين التمييزية في الخارج.
وتماشيا مع السياسة الأمريكية هذه، وانطلاقا من الحريات التي أفسدت كل من تبناها أصبحت الأفلام والمسلسلات الأمريكية لا تخلو من مشاهد المثليين، خصوصا في العشر سنوات الأخيرة، فلا يوجد فيلم أمريكي درامي دون تقديم مشاهد للمثليين، حتى في مسلسلات الفنتازيا العلمية الخيالية توجد مشاهد بين أصحاب القدرات الخارقة الذين جمعهم الحب في دور معاكس للطبيعة، فرجل يعشق رجل! وامرأة تعشق امرأة، فهذا تشجيع من السينما للجنس الثالث كما عرفته بعض الصحف الأمريكية، وطاعون يرغب أهله في نقله إلى البلاد الإسلامية المصابة بسرطان الحرية.
في سنة 1976م اعتمدت الأمم المتحدة المؤسسة الدولية للمثليين والمثليات والمزدوجين والمتحولين جنسياً والإنترسكس، التي تعرف باختصار "إيلغا"، إلا أن المشروع فشل فشلا ذريعا، لكن بعد سنوات وبداية من عام 2001 شرعت هولندا في اعتماد زواج المثليين، بل سنت قوانين جديدة حول هذا الزواج وجعلته متوازناً في الحقوق والواجبات مع الزواج العادي، بالإضافة إلى اعتماد شراكة مع المثليين بدأتها هولندا، وحركتها بلجيكا واعترفت بها معظم دول الاتحاد الأوروبي، وفي 2011 وقعت أكثر من 96 دولة على زواج المثليين والرعاية الكاملة للمزدوجين والمتحولين جنسياً، قراراً بشأن حقوق المثليين، ورغم مخالفة هذه المثلية لكل الأديان ولكنها لا اعتبار لها إن خالفت مبدأهم الرأسمالي الذي ينبثق عنه مفهوم الديمقراطية والحريات!
فقد أجمع رجال دين وحقوقيون على أن الأديان والفطرة الإنسانية تقف موقفاً رافضاً للمثلية الجنسية وللترويج لها والاحتفاء بها، مشددين على أن الديانات الإبراهيمية نصت بشكل واضح على تحريم ما يعرف بالمثلية الجنسية وفق نصوص دينية صريحة في الكتب المقدسة. وحذر المتحدثون، في تحقيق أجرته "الأيام"، من الخضوع لقبول المثلية الجنسية، قال نونو: القوانين اليهودية ترفض المثلية دون جدل، وقال القس رويس جورج الكنيسة ترفض رفضاً قاطعاً الضغط على دول من أجل تمرير المثلية الجنسية. وقال القس هاني عزيز: المثلية الجنسية كارثة والحداثة لا تبرّر مخالفة النصوص الدينية التي حرّمتها.
نعم هذه هي القيم الديمقراطية التي تريد أمريكا وغيرها من الرأسماليين نشرها في بلاد المسلمين وأن تصبح المثلية والشذوذ أمرا واقعا وعاديا يجب أن يتعامل معه كأي قضية أخرى وأن يدان كل من يعترض عليها.
فيا أبناء خير أمة أخرجت للناس، أترضون بأن تشاع الفاحشة بينكم ويروج لها بين بناتكم وأبنائكم؟ أتسكتون على محاولات فرض الرؤية الغربية المتعلقة بالنظام الاجتماعي؟ إنهم يريدون لكم أن تتبعوا طريقة عيشهم التي تقوم على التحلل من أي ضوابط أو قيود، إنهم يسعون لتمييع أحكام الإسلام والقضاء على العفة والحشمة والطهارة في بلادكم، فكونوا سداً منيعاً أمام كل محاولات إفساد نسائكم وأبنائكم، وارفضوا كل دعوة تمثل انقلاباً على فكركم وثقافتكم الإسلامية الأصيلة.
ولن يقطع دابر هذه الحضارة النتنة التي تخالف فطرة الإنسان إلا نظام العفة والطهارة؛ نظام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فكونوا لها من العاملين.
بقلم: الأستاذ عبد الخالق عبدون علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع