ثمن رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، دور الطوائف والفرق والجماعات الإسلامية والنصرانية، في السودان، مضيفا أن الدين من المكونات الأساسية في بناء المجتمع وهويته، جاء ذلك لدى لقائه في 1 تموز/يوليو 2021م، برئاسة مجلس الوزراء بقادة الفرق والطوائف والجماعات الإسلامية والنصرانية. وأوضح وزير الشؤون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرح في تصريح صحفي أن رئيس مجلس الوزراء طرح خلال اللقاء مبادرته (الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال - الطريق إلى الأمام) في إطار التشاور المجتمعي والسياسي الذي درج عليه حمدوك في حشد الطاقات البشرية لصالح المشروع الوطني الكبير لحل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد. مبيناً أن قادة الفرق والطوائف والجماعات الإسلامية والنصرانية ثمنوا المبادرة واتفقوا على أنها مبادرة قيمة وعظيمة وتقدم حلولا للأزمات التي ظلت تُعاني منها البلاد.
إن مكانة العلماء في الإسلام مكانة رفيعة ومتميزة، فهم زينةُ الأرض وهداةُ الناس في دياجير الظلام، وهم كالماء والغيث في الأرض المقفرة، وكالشمس للدنيا، وكالعافية للناس، والناس بحاجة إليهم كحاجتهم للطعام والشراب بل أشدُّ. ففي صحيح ابن حبان وغيره عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَطْلُبُ فِيهِ عِلْماً سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقاً مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَالْمَلَائِكَةُ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضاً لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ الْعَالِمَ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَلَا دِرْهَماً وَأَوْرَثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ».
إن الواجب على المسلم أن يحاسب كل مقصر في عمله ولا سيما الحكام، وأنتم يا علماء وقادة الأحزاب والمذاهب الإسلامية قد سنحت لكم هذه الفرصة التي يتمناها كل مسلم حريص وهي الأخذ على أيدي الظالمين وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ولا سيما حكام المسلمين اليوم وحكام هذا البلد، فبدل أن تسايروا وتثمنوا المبادرة وتتفقوا على أنها مبادرة قيمة وعظيمة تقدم حلولا للأزمات التي ظلت تُعاني منها البلاد، كان الأجدى بكم أن تقفوا موقفاً يُرضي الله عنكم وتقولوا كلمة الحق ولا تخافوا في الله لومة لائم.
فكان الواجب عليكم أن ترسموا له الخط المستقيم أمام خط مبادرته المعوج والتي لن تزيد البلد وأهله إلا شقاء وتعاسة لأنها لا تقوم على أساس الإسلام المتين بل على حلول مستنبطة من أنظمة وضعية من عقول البشر الناقصة، وكان الواجب عليكم أن تبينوا له أن الإسلام ليس من مكونات المجتمع بل هو المكون الوحيد الأوحد الذي يجب أن نأخذ منه أنظمتنا ومعالجاتنا، وأنه دين أهل هذا البلد الذين يحبون الله ورسوله وهم على أتم الاستعداد للتضحية بأرواحهم ومهجهم من أجله. فهؤلاء الحكام ومنهم حمدوك قد أزاحوا الإسلام من سدة الحكم وتبنوا العلمانية صراحة وعاثوا في الأرض فسادا وإفسادا وأفقروا أهل البلد وساروا على خطا الكافرين وأطاعوهم طاعة عمياء فأحالوا البلاد إلى ما لا يحمد عقباه وأوجدوا الأزمات تلو الأزمات فيها، وتبنوا معاهدة الفسق والفجور سيداو، وأثقلوا كاهل أهلها. ألم يفتح الله عليكم بكلمة تقولونها لهذا الطاغوت حمدوك تبرئ ذمتكم أمام الله تعالى وتنالوا بها أعلى الدرجات؟! فعن أبي سعيد الخدري أن النبي ﷺ قال: «إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ» وعن جابر رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَامَ إلَى إمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ، فَقَتَلَهُ».
وقد حاسب سلف هذه الأمة حكامها مع أنهم كانوا يطبقون شرع الله، فكيف لا تحاسب الأمة ولا سيما العلماء وقادة الجماعات الإسلامية حكام اليوم، وهم لا يحكمون بما أنزل؟!
وخيرية هذه الأمة مرتبطة بأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، قال تعالى: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ وعن حذيفة عن النبي ﷺ قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَاباً مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلَا يُسْتَجَابُ لَكُمْ» رواه الترمذي وحسنه.
هذه هي مسؤولية كل مسلم ومسلمة، والنبي ﷺ حادي الركب وقائدنا وأسوتنا قال عندما تختلط علينا الأمور وتضطرب الأحوال: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافاً كَثِيراً، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»، فالأمر ليس حكماً في مجلس عسكري ولا في حكومة مدنية، بل الأمر هو أن نقيمها خلافة على منهاج النبوة نبايع فيها إماما على الحكم بشرع الله تبارك وتعالى.
بقلم: الأستاذ عبد الخالق عبدون علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع