حدث الانقلاب التالي في قرغيزستان. فقد هرب أو اختبأ القادة الرسميون مثل الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان. ولكن كل سياسي من قادة الأحزاب يعمل على سحب السلطة لنفسه، وقد دعا كل واحد منهم مؤيديه إلى العاصمة بيشكيك وبدأوا يطالبون بكراسي الحكم لأنفسهم من خلال قوى الشباب المتظاهرين.
فمن ناحية تم تشكيل مجلس تنسيقي برئاسة أدخان مادوماروف، ومن ناحية أخرى جمّعت القوى الداعمة لصادير جباروف أعضاءَ البرلمان وعيّنوه رئيساً للوزراء، ومن ناحية ثالثة تجمع الآلاف من الشباب الموالين للغرب مطالبين بأن يكون تيلك توكتوغازييف رئيساً للوزراء... لا أحد منهم يعترف بالطرف الآخر، والآن كل واحد منهم يحاول الضغط على الشعب والقوى المقابلة الأخرى من خلال إبقاء مؤيديه في العاصمة. إن هذا الحال خلق وضعاً خطيراً جدا في البلاد، وإذا لم يتغير الوضع فمن الممكن أن تحدث نزاعات مادية بين الشباب المتظاهرين وربما نزاعات مسلحة.
نود أن نقول لأهل قرغيزستان، إن إصلاح هذا النظام أو وضع السياسيين الحاليين على كرسي الحكم لا يستحق التضحية بحياة أبنائنا. إن هذا النظام باطل من أساسه القائم على الاعتقاد بأن الحكم للشعب. والمجموعات القيادية عندما تتجاذب السلطة فإنها تحاول استخدام قوة الناس فقط. فنظام الحكم ليس لديه ترتيب للتشاور مع الناس. على سبيل المثال فإن كل سياسي أحدث شغباً في بيشكيك يدّعي أن مطالب الحشد الذي يقف خلفه هي مطلب الشعب. فإذا كان مطلب هذه المجموعة هو مطلب الشعب فماذا نقول عن مطلب المجموعات الأخرى التي تقف بجانبهم أو مطلب الأشخاص الذين يجلسون في بيوتهم؟ وبالتالي فإن هذه المجموعة التي تتحدث نيابة عن الشعب يقودها شخص واحد أو جماعة لتحقيق هدفه أو أهدافها.
إن دولة قرغيزستان تعيش الآن في أزمة، وقد ظهر فيها فراغ سياسي،وإن ذلك ليس بسبب ضعف عقلية الناس أو وعيهم السياسي كما يدّعي المحللون الموالون للغرب، بل السبب الحقيقي في ذلك هو فساد نظام الحكم القائم على الرأسمالية الذي يحاول الغرب إخفاءه.
والآن تأتي قوى جديدة على رأس الحكومة، فقد بدأت تظهر في كل منها قبل الوصول إلى السلطة عناصر مختلفة من الأكاذيب والخداع والأنانية. وليس هذا فقط بسبب فسادهم، بل لأنهم لا يستطيعون إيجاد أي طريقة أخرى في هذا النظام للوصول إلى السلطة. وهذا يعني أن السياسي الصادق المخلص إذا وصل إلى السلطة ضمن هذا النظام فإنه لا يجد خياراً سوى السير على طريق الأكاذيب والخيانة في الحكومة! وهكذا هو الوضع حتى في الدول الغربية المتقدمة التي تتطلع إليها بلادنا. قد تختلف المظاهر والمواقف والأساليب ولكن آلية الحكومة وطرق الوصول إلى الحكومة هي نفسها بشكل أساسي. وهم أيضا يخدعون شعوبهم بشعارات كاذبة بأن "الحكومة ملك للشعب" ويُنزلون الناس إلى الشوارع لتحقيق مكاسبهم الشخصية.
باختصار، لن تُحل المشكلة جذرياً بوصول أية مجموعة إلى السلطة. فإن أي حاكم سيسير قريباً على طريق أكاييف وباكييف وأتامباييف وجينبيكوف، وسيضطر إلى بيع أماكن استراتيجية لسداد الديون الخارجية، وسيسمح بالفساد لإرضاء الجماعات القوية التي حوله. وعندما يفشل في تجديد الميزانية يضطر إلى الاقتراض من الدول الأجنبية تحت ذرائع كاذبة مختلفة. إنها آلية ثابتة للنظام العالمي وهي حقيقة لا يمكن لأحد أن ينكرها! إذن سيتغير السياسيون والنفوس المنهزمة فقط، وسيبقى نظام الحكم العلماني الكافر على ما هو عليه؛ ولذلك وجب على أهل قرغيزستان المسلمين الإطاحة بهذا النظام، وإقامة نظام الإسلام، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
بقلم: الأستاذ عبد الرزاق مؤمن
رأيك في الموضوع