نقلت وكالة رويترز السبت 14 تشرين الثاني/نوفمبر أن أحد منفذي هجمات باريس سوري قدم إلى فرنسا مع اللاجئين عبر اليونان. وكانت وسائل إعلام فرنسية، تداولت السبت، أنباء حول العثور على جواز سفر سوري على جثة أحد منفذي هجمات باريس. كما أشار التلفزيون الفرنسي، من جهته، إلى العثور على جواز سفر مصري على جثة أحد منفذي تفجيرات باريس بالقرب من ملعب المدينة الرئيسي. كما ذكرت وسائل الإعلام الفرنسية أن أحد منفذي الهجمات يحمل الجنسية الفرنسية على علاقة بجماعات متطرفة وأن "تنظيم الدولة" قد تبنّى هذه الهجمات.
رغم اختلاف أماكن التصوير ولغة السيناريو وبعض التفاصيل الفنية البسيطة إلا أن الإخراج يكاد يكون هو نفسه والشركات المنتِجة هي نفسها وعناوين الأفلام كلّها تحت مسمّى واحد "الإرهاب" مع دقّة بالغة في اختيار أوقات العرض واختيار الجناة الذين دائما ما تشاء الصّدف أن ينسوا هوياتهم أو جوازات سفرهم في مكان الجريمة، وحادثة "شارلي إيبدو" ليست عنا ببعيدة وبالطبع لا يخرج المتورطون من دائرة كونهم عرباً مسلمين أو غربيين ذوي علاقة بمسلمين متطرفين، يعني في الأخير الإسلام هو المتهم! كما شاءت الصدف أن تأتي أحداث باريس مساء الجمعة بعد جملة الأحداث التي وقعت في تركيا ومصر والعراق ولبنان وقبل يوم من الاجتماع الوزاري لـ «مجموعة الاتصال» الدولية الذي جرى السبت 14 تشرين الثاني في العاصمة النمساوية فينا بمشاركة 20 دولة على أساس وضع خطوط عريضة للانتقال السياسي في سوريا التي تشهد نزاعا مسلحا منذ ما يقرب الخمس سنوات. ولكن أخذ لقاء فينا مجرى آخر خاصة وأن كل المجتمعين على حدّ تعبير وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي "فديريكا موغريني" اكتووا بنار الإرهاب نفسها في الآونة الأخيرة ليُفسح المجال ليكون التدخل في سوريا عسكريا للارتباط الوثيق بين إنهاء الأزمة في سوريا وهزم تنظيم الدولة متبنية هذه العمليات حسب تعبيرهم وهذا بالضبط ما صرّح به "لافروف" وزير خارجية روسيا حيث قال إنه "لا مبرر كي لا تتخذ القوى الدولية خطوات أكبر بكثير لقتال تنظيم الدولة".
كفّار الغرب الذين استعصت عليهم سوريا الأبيّة حتى بمساندةٍ من عملاء حكام المسلمين يتوحّدون تحت مظلّة الإرهاب الذي هو أصلا صناعتهم، يطوّعونه حسب هواهم ويتوحّدون رغم تكالبهم وعراكهم على ثروات بلاد المسلمين لأن المصلحة واحدة في سوريا: إجهاض المشروع الإسلامي. ففرنسا رغم ما تمرّ به من ظروف اقتصادية صعبة، لن تجد حرجا اليوم بعد هذه الهجمات من التدخّل في سوريا عسكريا، بل لعلّها تسعى بذلك لإيجاد رأي عام في فرنسا يساند موقفها لأنها بهذه الأحداث مسّت الفرنسيين في أمنهم، فالإرهاب كما قال "أدولف هتلر" هو "أفضل سلاح سياسي يمكن استخدامه لأن الخوف من الموت هو أكبر هاجس تخشاه الشعوب"، كما لن تجد فرنسا اليوم حرجا في غلق باب اللجوء لأنها بذلك تجد لها مبرّرا لتأخذ حيطتها وتسدّ بوّابة الخطر.
رغم كل هذه الحبكة والحذاقة إلا أن فزّاعة الإرهاب وتدخّل القوى الدّولية من أجل حماية الشعوب لم تعد تنطلي إلا على أحمق أو مستهبِل، وإننا لنناشد إخواننا في الشام للمضي قدما وأن لا يرضوا بغير الإسلام بديلا؛ فإن الله قد تكفّل بهم وهو مولاهم وهو ناصرهم رغم كيد الكائدين ولو بعد حين، وصدق رسول الله e إذ قال: »لا تَزَالُ مِنْ أُمَّتِي عِصَابَةٌ قَوَّامَةٌ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لا يَضُرُّهَا مَنْ خَالَفَهَا تُقَاتِلُ أَعْدَاءَ اللَّهِ، كُلَّمَا ذَهَبَ حَرْبٌ نَشَبَ حَرْبُ قَوْمٍ آخَرِينَ، يُزِيغُ اللَّهُ قُلُوبَ قَوْمٍ لَرَزَقَهُمْ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ، كَأَنَّهَا قِطَعُ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ فَيَفْزَعُونَ ذَلِكَ حَتَّى يَلْبَسُوا لَهُ أَبْدَانَ الدُّرُوعِ». وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e: »هُمْ أَهْلُ الشَّامِ»، »نَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ eبِأُصْبُعِهِ يُومِئُ بِهَا إِلَى الشَّامِ حَتَّى أَوْجَعَهَا» رواه البخاري
بقلم: م. درة البكوش - تونس
رأيك في الموضوع