اتفاقية سيداو هي معاهدة دولية اعتمدت بواسطة اللجنة العامة للأمم المتحدة عام ١٩٧٨م، وقد وقعت عليها دول ورفضتها أخرى وتحفظت دول أخرى على بعض بنودها. وهذه المعاهدة أو الاتفاقية تقوم على أساس فكرة المساواة بين الرجل والمرأة في الحريات وفي الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية و...
تعمل المؤسسات الدولية ذات الشأن مع المؤسسات النسوية بكل جهد وطاقة وإمكانيات، على جعل رؤية وفكرة المساواة بين الرجل والمرأة فكرة موجودة ومطبقة في كافة دول العالم وخاصة البلاد الإسلامية، التي تنظر إليها هذه المؤسسات نظرة قاتمة وخاصة تجاه هذه القضية (حقوق المرأة)، فبالتالي نجد أن بلادنا الإسلامية تتعرض لجهد وتركيز أكبر في حملة وأعمال هذه المؤسسات.
عند إمعان النظر في أساس وبنود اتفاقية سيداو نجدها متناقضة كليا مع فكر الأمة في الأسس والفرعيات...
لقد نظر الإسلام إلى الرجل والمرأة نظرة دقيقة وراقية ومميزة في قضية الأفكار والأحكام المتعلقة بكل منهما، وهذه النظرة جلبت السعادة والاستقرار في حياة المسلمين الطويلة.
فعند النظر في الأحكام الشرعية المتعلقة بالموضوع نجد أن الإسلام قد جعل الأحكام المتعلقة بالرجل والمرأة واحدة عندما تكون الحقوق والواجبات إنسانية (أي عندما تتعلق بالإنسان كونه إنساناً وتقتضي طبيعتهما الإنسانية ذلك) فلذلك جعل الإسلام الدعوة للإيمان والصلاة والصوم والحج والبيع وطلب العلم و...، جعلها واحدة لا فرق فيها بين الرجل والمرأة، وعندما تكون الحقوق والواجبات تتعلق بطبيعة الأنثى كونها أنثى وطبيعتها في المجتمع أو تتعلق بطبيعة الذكر بوصفه ذكراً وبطبيعة مكانته في المجتمع كانت هذه التكاليف والواجبات متنوعة ومختلفة بين الرجل والمرأة، ولذلك جعل الإسلام شهادة امرأتين بشهادة رجل واحد في الأعمال التي تكون في مجتمع الرجال وفي الحياة العامة، وتُقبل شهادة النساء وحدهن فيما يحدث في جماعة النساء ولا يكون فيها الرجال. وكذلك جعل الإسلام لباس المرأة غير لباس الرجل، وفرض على الرجل العمل والنفقة ولم يفرضه على المرأة، وفرض عليه الجهاد ولم يفرضه على المرأة، وجعل المهر على الرجل وحق للمرأة، وجعل نصيبها في الميراث نصف نصيب الرجل في حالات. وهكذا كانت أحكام الإسلام متنوعة خص الرجال ببعضها، وخص النساء ببعضها، وجعلها واحدة في أخرى، وعلى هذا الأساس ليست المساواة بين الرجل والمرأة قضية تُبحث، ولا قضية ذات تأثير في المجتمع ولا هي مشكلة بحاجة لعلاج، والقضية برمتها أتت من الغرب الذي كان يهضم حقوق المرأة، وينظر إليها نظرة سوداوية. فطالبت بحقوقها واتخذت بحث المساواة طريقا لنيل هذه الحقوق. أما نحن المسلمين فلا شأن لنا بهذه الاصطلاحات لأن الإسلام أقام نظامه الاجتماعي على أساس متين يضمن تماسك الجماعة والمجتمع ورقيهما، ويوفر للمرأة والرجل السعادة الحقيقة اللائقة بكرامة الإنسان.
وللتذكير فإنه لا يُقال عن الأحكام الواحدة بين الرجل والمرأة مساواة ولا يُقال عن الأحكام المختلفة عدم مساواة أو تمييز. فلذلك كان جعل الأحكام واحدة بين الرجل والمرأة أو تغيير أي حكم بحكم آخر هو تعدٍّ على تشريع الله عز وجل وظلم للإنسان.
إن ما تتعرض له بلادنا من هجمة قوية وشرسة من المؤسسات الدولية والجمعيات النسوية ذات التمويل الغربي هو جزء من الغزو الثقافي للبلاد الإسلامية لتقويض أركانه وضرب وتدمير النسيج المجتمعي فيها. فاتفاقية سيداو هي تعدٍ على فكر وأحكام الإسلام، أي تعدٍ على شرع الله عز وجل، وفرض قرارات تتناقض مع فكر ومفاهيم الأمة، وهو إجحاف وظلم للناس. وهذه الاتفاقية تؤدي إلى نسف الأحكام الشرعية المتعلقة بقانون الأحوال الشخصية، وهذا سلخ للمسلمين عن دينهم. ولما كان تناقض اتفاقية سيداو واضحاً جلياً مع فكر الأمة وثقافتها كان فرضها وتطبيقها على المسلمين ظلماً وإجحافاً وحرباً على الله ودينه وحرباً على الأمة وطريقة عيشها، لذلك كان الواجب والمطلوب رفضها بشدة والعمل ضد تطبيقها في بلادنا، فهي بضاعة فاسدة لا يحل وجودها وترويجها في بلادنا، وفي وجودها في ديارنا إفسادٌ لمجتمعاتنا وبيوتنا.
بقلم: الأستاذ عطية الجبارين – فلسطين
رأيك في الموضوع