ونظام الحكم في الإسلام ليس ديمقراطياً بالمعنى الحقيقي للديمقراطية، من حيث إن التشريع للشعب، يحلل ويحرم، يحسن ويقبح. ومن حيث عدم التقيد بالأحكام الشرعية باسم الحريات. والكفار يدركون أن المسلمين لن يقبلوا الديمقراطية بمعناها الحقيقي هذا؛ لذلك فإنالدول الكافرة المستعمِرة (وبخاصة أمريكا اليوم)تحاولتسويقها في بلاد المسلمين، بإدخالها عليهم من باب التضليل، بأن الديمقراطية هي آلية انتخاب الحاكم، فتراهميدغدغون مشاعر المسلمين بها،مركِّزين على انتخاب الحاكم؛لإعطاء صورة مضللة للمسلمين، كأن الأمر الأساس في الديمقراطية هو انتخاب الحاكم. ولأن بلاد المسلمين مبتلاة بالبطش والظلم وتكميم الأفواه والكبت (والديكتاتورية) سواءأكانفي الأنظمة المسماة ملكية أمجمهورية؛نقول لأن بلاد المسلمين مبتلاة بهذا،فقد سَهُل على الكفار تسويق الديمقراطية في بلاد المسلمين من حيث إنها انتخاب الحكام،ولفّواوداروا علىالجزء الأساس فيها،وهو أن يصبح التشريع والتحليل والتحريم للبشر وليس لرب البشر، حتى إن بعض (الإسلاميين، بل والمشايخ منهم) أَخَذوا بهذه الخدعةبحسن نية أو بسوء نية، فإذا سألتهم عن الديمقراطية أجابوك بجوازها على اعتبار أنها انتخاب الحاكم، وسيّئو النية منهم يلفّون ويدورون مبتعدين عن المعنى الحقيقي الذي وضعه لها أهلها من كونها تعني السيادة للشعب يشرع ما يشاء برأي الأغلبية، يحلل ويحرم، يحسن ويقبح، وأن الفرد (حرّ) في تصرفاته يفعل ما يشاء، يشرب خمراً، يزني، يرتد، يشتم المقدسات ويسبها، تحت مسمى الديمقراطية وحرياتها. هذه هي الديمقراطية، وهذا واقعها ومدلولها وحقيقتها، فكيف لمسلم يؤمن بالإسلام أن يتجرأ على القول بأن الديمقراطية تجوز، أو أنها من الإسلام؟!
أماموضوع اختيار الأمة للحاكم،أي اختيار الخليفة، فهو أمر منصوص عليه.فالسيادة في الإسلام للشرع، ولكنالبيعة من الناس للخليفة شرط أساس ليصبح خليفةً. وقد كان انتخاب الخليفة يمارَس في الإسلام في الوقت الذي كان العالم يعيش في ظلام الديكتاتورية وطغيان الملوك. والمتتبع لكيفية اختيار الخلفاء الراشدين: أبيبكروعمر وعثمان وعلي،رضي الله عنهم، يرى بكل وضوح كيف كانت تتم لهم بيعة أهل الحل والعقد وممثلي المسلمين؛حتى يصبح الواحد منهم خليفةً تجب له الطاعة علىالمسلمين. لقد دار عبد الرحمن بن عوف t الذي وكِّل بمعرفة رأي ممثلي المسلمين (وهم أهل المدينة)، دار عليهم يسأل هذا وذاك،ويمر على هذا البيت وذاك، ويسأل الرجال والنساء ليرى من يختارون من المرشحين للخلافة،إلى أن استقر رأي الناس في نهاية الأمر على عثمان وتمت بيعته.
والخـلاصة، إن الديمقراطية نظام كفر،ليس لأنها تقولبانتخاب الحاكم، فليس هذا هو الموضوع الأساس، بل لأن الأمر الأساس في الديمقراطية هو جعل التشريع للبشر وليس لله رب العالمين،والله سبحانه يقول:]إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ[، ويقول كذلك سبحانه وتعالى: ]فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً[، والأدلة متضافرة مشهورة على كون التشريع لله وحده.
عن كتاب أجـهـزة دولة الخـلافة (في الحكم والإدارة) لحزب التحرير
رأيك في الموضوع