الإسلام جاء بأحكام تتعلق بالفرد، وجاء بأحكام تتعلق بالجماعة، لأنه ليس ديناً كهنوتيا، بل هو دين منه الدولة، وأحكامه نزلت لتطبق في واقع الحياة، وتخرج البشرية من الظلمات إلى النور، فكما هو مطلوب من المسلم الإيمان والتقوى، واجتناب الكفر والمعاصي، مطلوب منه أن يحمل الإسلام رسالة هدى ونور للعالم، ويعمل على إيجاد الكيان الذي يحفظ على المسلمين عقيدتهم وتقواهم، ويمنعهم من الوقوع في حبائل الكفر والمعصية، ويقوم بإيصال هذه الرسالة لباقي الأمم والشعوب، فالرسول ﷺ لم يطلب من المؤمنين معه مجرّد الإيمان والتقوى، وتعلم الأحكام الشرعية التي تلزمهم في حياتهم فقط، بل كان يعمل معهم على إيجاد بيئة الإيمان والتقوى بإقامة الكيان الذي يجعل المجتمع كلّه يسير بالاتجاه نفسه الذي يسير عليه إيمان الفرد وتقواه. وهذا ما تحقق له عندما أقام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة.
وهذا ما يتوجب علينا فعله بصفتنا مسلمين اليوم، أن نتعلم أحكام الله لنعمل بها على الصعيد الفردي، وأن نسعى لإيجادها في واقع الحياة بإيجاد الدولة التي تضمن تطبيقها على المسلمين في الداخل، وتحملها لغير المسلمين في الخارج، فنحن الأمة الوسط التي اختارها الله لتكون شاهدة على النَّاس يوم القيامة، فإن تخلينا عن واجبنا تجاه هذا الدين، ولم نقم بحمله وتبليغه للعالم، وتخلينا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، غرقت السفينة، وكنّا مع الغارقين والخاسرين في الدنيا والآخرة والعياذ بالله، فعن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله ﷺ: «مَثَلُ القَائِمِ في حُدودِ الله، والْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَومٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سفينةٍ، فصارَ بعضُهم أعلاهَا، وبعضُهم أسفلَها، وكانَ الذينَ في أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا في نَصيبِنا خَرْقاً وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا. فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أَرادُوا هَلكُوا جَمِيعاً، وإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِم نَجَوْا ونَجَوْا جَمِيعاً» رواهُ البخاري.
رأيك في الموضوع