قال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾.
نخاطب قوة الشباب، نخاطب الشريحة الكبرى في أمة الإسلام، نخاطب نحو 80% من الأمة الإسلامية، نخاطبكم يا شباب الإسلام. بشراكم بحديث رسول الله ﷺ في صحيح البخاري: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ؛ الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ...».
نخاطبكم يا أحفاد الخلفاء الراشدين والقادة الفاتحين والعلماء البارزين، نخاطبكم والعالم كله يشاهد انتفاضتكم وثورتكم ضد الظلم والطغيان والمحسوبية والاستبداد، نخاطبكم وقد مللتم الخنوع والخضوع والبطالة والعطالة وأنتم تتطلعون إلى حياة العزة والكرامة والعيش الكريم؛ تنشدون غداً مشرقاً ومستقبلاً باهراً، هذا الذي نريده ونرومه، ولكن العدو متربص بنا وبما نريد، يسفه أحلامنا ويعيق مسيرة نهضتنا ومبعثنا من جديد؛ لذلك كان استهدافكم يا معاشر شباب المسلمين، قلب الأمة الإسلامية النابض، يستهدفكم الكافر المستعمر، وعملاؤه من الحكام والساسة ومن الإعلاميين والمضبوعين بثقافته، يريدون إفناءكم بجركم إلى الحروب العبثية؛ مذهبيةً تارة وعنصريةً تارة وسياسيةً تارة أخرى. فحصدت وما زالت تحصد الملايين من أبناء المسلمين، فما جنينا منها إلا الحسرة والخراب والنزوح.
ولما فاجأتهم انتفاضتكم (ثورات الربيع العربي) قاموا بسرقتها، بإعادة إنتاج الأنظمة الفاسدة نفسها التي ثرتم ضدها لإسقاطها، بصورة أقبح، حتى يضمنوا بقاء مصالحهم في بلادنا في نهب ثرواتنا وتعطيل مشاريع نهضتنا على أساس شريعة ربنا، مما يبعث الإحباط في نفوس شبابنا وفقدان الأمل في إمكانية إحداث تغيير حقيقي يلبي طموحاتنا، فأصبحت الهجرة حلم شبابنا، وانطلقت جموع المهاجرين لتبتلعهم رمال الصحراء أو مياه البحار، ومن عبَرَ منهم لم يجد إلا السراب فأصبح كالمستجير من الرمضاء بالنار!
يستهدفون عقيدتكم بنشر الإلحاد والأفكار المسمومة والمفاهيم المضللة والمغلوطة، عبر ما يسمى بالحريات الدينية التي أنشأت لها أمريكا وزارة فيما عرف بقانون "رالف وولف للحريات الدينية" الذي يعطي أمريكا الحق في التدخل في أي دولة لضمان حق الإلحاد.
يستهدفون قيم العفة والشرف عندكم بالتوقيع على اتفاقية سيداو وحماية الطفل... وببرامج خبيثة مثل "ستار أكاديمي"، "ذا فويس"، والمسلسلات التي تخدش قيم الفضيلة والحياء.
يعملون على تدميركم وتغييب عقولكم بجركم في مستنقع المخدرات والسرطانات حيث يتم تمرير المخدرات عبر الموانئ والمطارات وبحاويات ضخمة برعاية المسؤولين والحكام، وبإدخال الأجهزة والأطعمة المسرطنة. وقد تم توجيه التهمة لـ36 وزيراً ووزير دولة في السودان لتورطهم في توريد أجهزة كمبيوتر للمصالح الحكومية اتضح أنها ملوثة إشعاعياً.
يستهدفون ضرب أي عمل للتغيير على أساس الإسلام؛ وذلك بتشويه صورة الإسلام عبر حكومات مسماة إسلامية (زوراً وبهتاناً) تفعل كل قبيح وتنحر العدل وتنشر الظلم حتى تشكك الشباب في جدوى التغيير على أساس الإسلام وفي قدرة الإسلام على معالجة الأزمات التي نعيشها في حياتنا، ولتصرف الشباب عن الانخراط في العمل مع العاملين المخلصين في إقامة الحكم على أساس الإسلام.
يا أمل الأمة ورجاءها، لا تكونوا كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول! اعلموا علم اليقين أن هدى الله هو الهدى، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ واعلموا علم اليقين أن ما بين أيدينا في هدي ربنا وشريعته الحياة المستقيمة والعيش الكريم، قال تعالى: ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً﴾.
ولأجل ذلك فلتعملوا مع حزب التحرير لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ولتعيدوا سيرة شباب المسلمين السابقين الأولين. فقد كنتم يا معشر الشباب أول حلقة في الإسلام بعد إسلام أبي بكر وخديجة، وكانت أول دار لاجتماع المسلمين لتدارس الإسلام دار الشاب الأرقم بن أبي الأرقم، وكان الشاب مصعب بن عمير أول سفير في الإسلام عندما أرسله النبي ﷺ إلى المدينة ليعلم الناس دينهم، فلقب بمصعب الخير الذي أجرى الله الخير على يديه فأسلم أهل المدينة، وكان شباب الأنصار الذين خرجوا لنصرة رسول الله وبيعته عند العقبة الثانية هم أول لبنة في قيام دولة الإسلام، فجمعهم الله مع من سبق من إخوانهم الذين هاجروا إليهم فقال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ [الأنفال: 74] فبسطوا العدل وعم الخير وسخروا العلم لتعمير الأرض وخدمة الناس، وحملوا الإسلام إلى العالم.
وعند الهجرة كان علي الشاب كرم الله وجهه أول فدائي في الإسلام حيث فدى رسول الله ﷺ ونام على فراشه بدلاً عنه ﷺ. وبعد الهجرة والدولة برز القادة الفاتحون وحملوا لواء المسلمين، مصعب بن عمير وجعفر الطيار وأسامة بن زيد (الحب ابن الحب)، ومحمد الفاتح نعم الأمير فاتح القسطنطينية، فكانت جيوش لا تغلب، لا بكثرة العدة والعتاد وإنما بصدق إيمانهم وحسن توكلهم على الله، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾. وقال: ﴿إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾، فإنا لا نخشى أمريكا ولا جيوش الأرض مجتمعين، فإنهم وإن أعجزونا فإنهم لا يُعجزون الله.
فيا شباب المسلمين: هلم إلى حلقات الدرس في حزب التحرير لتنهلوا من معين الإسلام الصافي ولتحملوا الإسلام على بصيرة، بعد أن أغلق الكافر صنابير المعرفة إلا صنبوره. هلم يا شباب الإسلام في جيوش المسلمين لتنصروا إخوانكم في حزب التحرير وتضعوا أيديكم على أيديهم لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، فتعيدوا سيرة أسلافكم من شباب الأوس والخزرج فتدخلوا معهم في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً﴾.
ناصر رضا (أبو رضا) – ولاية السودان
رئيس لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير/ ولاية السودان
رأيك في الموضوع