سئل أحد العلماء عن سقوط الدولة الأموية فقال: أمور صغيرة سلمناها لكبار وأمور كبيرة سلمناها لصغار فضعنا بين إفراط وتفريط.
وما حال ثورة الشام في هذه الأيام إلا الوقوع بين إفراط من قبل مَن فهم الإسلام خطأً وراح يجرب فهمه المغلوط على أهلها؛ فلا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، وبين صبية السياسة الذين دخلوا في نفق المفاوضات المظلم كالمستجير من الرمضاء بالنار (هذا إن أحسنا الظن بهم)!
ووقوفا على آخر تطورات ملف صك الاستسلام وبيع التضحيات نجد أن مفاوضات أستانة2 كأخواتها السابقة من مؤامرات أعداء الأمة عليها، سواء من حيث المبدأ كتثبيت الحل السياسي الأمريكي الذي يحافظ على نظام الطاغية أم من حيث النتيجة كفشل ذريع لمن يحاول أن يمكر بمن تكفل الله بها وبأهلها، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال.
فبعد أن مكرت أمريكا عن طريق وكيلتها روسيا زورا وبهتانا وخداعا بالتعهد بوقف الغارات ومد الحبل قليلا لمعارضة الفنادق أن تطالب بالمعتقلين كخطوة على طريق ما يسمى الانتقال السياسي المزمع بحثه في جنيف، نجد أن وتيرة المجازر قد زادت خاصة بعد مفاجآت مجاهدي درعا من قلب ظهر المجن على من يراهن على وقف إطلاق النار الذي لم يتوقف أساساً إلا من قبل الثوار تحت ضغط الداعمين بالمال السياسي القذر.
فنجد أن آمال أمريكا وأذنابها قد تبددت ومكرهم قد بار - على الأقل في هذه الجولة -.
وإنه وإن كان من المقرر مناقشة الحكم في سوريا أو بشكل أدق فرض دستور مدني علماني في جنيف كما أعلن عن ذلك مبعوث أمريكا لتصفية الثورة دي مستورا - ويا لها من مهزلة أن تساعد عدوك في فرض نظام حياته العفن على أمتك لتسير عليه. إلا أن المراقب بدقة يخلص إلى نتيجة مفادها أن الغرب والشرق وعلى رأسهم أمريكا صاحبة النفوذ والمصلحة الحيوية في سوريا يجرون أذيال الهزيمة، وليس أدل على ذلك من طرح مشروع تدخل عسكري أمريكي في سوريا من قبل الكونغرس مما يؤكد أن كل الأدوات التي استخدمتها في حربها على أهل الشام قد باءت بالفشل مهما مكروا وخططوا وقاموا بأعمال سياسية أو حتى عسكرية، ففي كل مرة تجد أن الله يأتي بنيانهم من القواعد فيخر عليهم السقف من فوقهم ويأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون.
وما نراه من استنزاف لكل من يقاتل أهل الشام وفضح من يدعي كذباً صداقة شعبها ليسلمها لأسياده (أعدائها) لهو دليل على تهيئة الأجواء وبعاث ليجهز إقامة سلطان المسلمين، وبالتالي ليس على أهل الشام إلا أن يعتصموا بحبل الله المتين باتخاذهم حزب التحرير قيادة سياسية لهم، فهو القيادة السياسية الواعية المخلصة التي تملك مشروعاً مستنبطاً من كتاب الله وسنة رسوله r قادرة على قيادة دفة السفينة وصولاً إلى بر الأمان ويتحقق قول رسول الله e«إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا».
بقلم: عامر سالم أبو عبيدة
رأيك في الموضوع