كشف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن طبيعة العلاقة اليومية التي كانت موجودة بين القيادات الإيرانية في العراق وبين المسؤولين العسكريين الأمريكيين، وأوضح مدى حجم التنسيق بين الطرفين، وما ترتب عليه من خنوع النظام الإيراني للاحتلال العسكري الأمريكي في العراق خنوعاً تامّاً، وهو ما عكس حالة من التبعية الإيرانية الصريحة للسيّد الأمريكي في العلاقات الدبلوماسية والعسكرية بينهما.
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد كشف يوم الثلاثاء 7/11/2023، وتناقلتها وكالات أنباء عديدة، ومنها حقيقة ما جرى بعد مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وما حصل من قيام النظام الإيراني باستئذان الرئيس ترامب بالرد على عملية الاغتيال لحفظ ماء وجه إيران، وخشيتها من رد فعل أمريكي أقوى، وذلك بحسب ما ذكر ترامب الذي كان يتحدث في شؤون انتخابية في ولاية تكساس بمدينة هيوستن الأمريكية، فنقلت بي بي سي قول ترامب: "قمنا بتخريب بعض الرادارات، وبعدها قتلنا سليماني، لقد كان عليهم أن يردوا لحفظ ماء وجههم، وهذا أمر طبيعي، ثم أبلغونا أنه سيتم إطلاق 18 صاروخاً على قاعدة أمريكية في العراق (عين الأسد) لكنها لن تستهدفها مباشرة، بل ستستهدف فقط محيط القاعدة".
وأكّد ترامب أن أي جندي أمريكي لم يصب بأذى في القصف الإيراني، وأوضح أنه ذكر هذه القصة (السر) لأول مرة من أجل (إثبات احترام أمريكا)، وادّعى بأنّ إيران في عهد بايدن لا تحترم الولايات المتحدة كما كانت تحترمها في عهده.
لم يأبه ترامب بفضح إيران على الملأ، وبذكره هذه القصة، لأنّ كل همّه كان الدعاية الانتخابية لشخصه ولحزبه، ولو على حساب كشف تبعية إيران لأمريكا.
فهذه القصة التي رواها ترامب عن استئذان إيران لقصف محيط قاعدة عين العرب قصفاً شكلياً لحفظ ماء الوجه، هي في الواقع فضيحة سياسية لإيران ولموقعها في محور المقاومة، وهي كشف واقعي لطبيعة العلاقات العميقة بين أمريكا وإيران، وبيان أنّ العداء بينهما موجود فقط في وسائل الإعلام.
إنّ سياسة الدجل الإيراني هذه تؤكّد أنّ الكلام عن قيادة إيران لمحور المقاومة ما هو سوى مُزايدات إيرانية تُغطي بها حقيقة قيام إيران بطعن المقاومة من الخلف، والدليل على ذلك أنّ هذه الحرب الشرسة التي تشنّها قوات كيان يهود على سكان غزة هي فرصة ذهبية لإيران بوصفها زعيمة محور المقاومة لأنْ تتدخّل، وتُساعد فصائل المقاومة - وهي في أمسّ حاجة للمُساعدة - لتمكينها من الثبات والصمود أمام تلك الحرب الضروس التي تستهدف وجودها وبقاءها.
كانت إيران تُمنّي المقاومة بأنّها سوف تتدخّل في المعركة لو دخلت دولة يهود في الحرب البريّة، وإنّها لن تتخلّى عنها إن وقعت تلك الحرب، وها هي بدأت الحرب البريّة، واجتاح جيش يهود قطاع غزّة، وقطّع أوصاله، وما زالت إيران تُمارس لعبتها المعهودة نفسها، فتُهدّد كلامياً، وتُثرثر إعلامياً، لكنّها لم تفعل شيئاً على أرض الواقع لنصرة غزة.
وهكذا نجد أنّ محور المقاومة الذي تتزعّمه إيران قد أثبت كذبه وزيفه، فحان أوان سقوطه، وإنّ سقوط قيادة أي مجموعة يستلزم معها سقوط المجموعة نفسها، فقد انتهى اليوم ما سمّي بمحور المقاومة، وبعد حرب غزة لن يكون له أي وجود.
فالمقاومة بالنسبة لإيران كانت دائماً لعبة سياسية تُمارسها، وليست عملاً مُقاوماً تتلبّس به، وهي تقوم بها كدور وظيفي ينحصر فقط في خدمة المصالح الأمريكية من خلال احتواء مجموعات المقاومة، وحرف مسارها، وتوهين قواها، وكشف نقاط ضعفها، وجرّها إلى خوض معارك جانبية لإرهاقها وتشتيت قواها.
وبات واضحاً ما هي مادة هذه اللعبة الإيرانية والتي تتلخّص في إطلاق التصريحات النارية، وصياغة الفذلكات الكلامية التي يُراد بها رسم صورة وضّاءة لإيران تُخالف حقيقتها المظلمة، فمثلاً استبق الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي القمّة العربية الإسلامية في الرياض بالقول: إنّنا لا نريد كلاماً وإنّما نريد أفعالاً، وهو يعلم في قرارة نفسه أنّ هذه القمّة التي سيشارك هو فيها لا يخرج عنها شيء سوى الكلام.
ومثلاً عندما سُئل المندوب الإيراني في الأمم المتحدة عن أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وبعد أنْ تبرأ من أية علاقة لإيران بها، أجاب بأنّ إيران لو كانت مكان حماس فإنّها لا تفعل ما فعلته حماس في ذلك التاريخ.
هذه هي إيران، وهذه هي حقيقتها، إنّها مزيج من الكذب والتحايل والخداع، تتحدّث أمام الغرب بلغة، وتتحدّث أمام الشعوب الإسلامية بلغةٍ مُعاكسة تماماً.
والحقيقة أنّ الفضيحة التي فجّرها الرئيس الأمريكي ترامب بخصوص إيران تؤكّد طبيعة القيادة الإيرانية المتواطئة مع أمريكا دوماً، والمرتبطة بها دائماً، وتُبيّن أنّها لا تختلف عن الدول العربية إلا بالشكل الخارجي، فإذا كانت الدول العربية تابعة لأمريكا والغرب ظاهراً وباطناً فإنّ إيران تابعة لأمريكا والغرب باطناً ومُعادية لهما ظاهراً.
رأيك في الموضوع