قبل أسابيع انتشرت على مواقع التواصل دعوات للنزول والتظاهر في الشوارع والميادين لإسقاط السيسي ونظامه في 11/11 تزامنا مع قمة المناخ التي ينظمها السيسي، تلتها حملات اعتقال طالت المئات تحسبا لحدوث أي حراك، ثم ما كان من عبد الله الشريف اليوتيوبر المصري المعروف من دعوة مباشرة لنزول الناس ليلة الجمعة استباقا لمحاولات النظام منع الناس من الخروج يوم الجمعة من المساجد، تزامن مع هذا رد فعل سريع من النظام بغلق المقاهي والمحلات وتعطيل المواصلات العامة يوم الجمعة بدعوى الصيانة، بخلاف ما أشيع عن استغلال سائقي الميكروباص بشكل موسع في حملاتهم بأجرة يومية سخية، ما أدى طبيعيا لشل حركة التنقل والمواصلات في العاصمة، وبهذا يضمن النظام قلة الأعداد التي تستطيع الاتجاه للساحات والميادين ويتمكن من التعامل معهم، وكان للنظام ما أراد حتى إنهم صوروا تلك الساحات والميادين فارغة إلا من رجال الشرطة وهي التي كانت تزدحم بالمارة والباعة بشكل طبيعي على مدار الساعة، ما يدل على رعب النظام من أي حراك محتمل.
لم تنجح دعوات النزول، نعم لكنها لم تفشل، وإنما الذي فشل هو طرح من دعوا لها أولا بتمسكهم بالديمقراطية واستعطاف المجتمع الدولي الداعم للسيسي ونظامه، وهم السبب الرئيسي في كل ما تعانيه مصر وأهلها، وثانيا تحييد الإسلاميين بعمومهم ظنا أنهم بذلك سيخرجون كل طوائف الشعب ولا يستعْدون المجتمع الدولي، وغفلوا حقيقة أثبتتها ثورة يناير وما تلاها من أحداث، أن أهل مصر المسلمين بفطرتهم يتوقون لحكم الإسلام ويثقون في أن الإسلام وحده هو سبيل خلاصهم، وقد رأينا بأعيننا وكنا شهودا على الأحداث وعلى مليونيات دعا لها الإسلاميون وكيف كانت بزخمها وهيبتها، وأخرى دعا لها العلمانيون بضع مئات أو آلاف لكن لا وجه للمقارنة بينها وبين الساحات التي تمتلئ حتى لا تجد فيها موضع قدم مع دعوات نصرة الإسلام وقضاياه، وما تلا ذلك من استحقاقات انتخابية كانت كلها لصالح الإسلاميين ثقة في الإسلام لظن الناس أن نجاح هؤلاء فيها سيأتيهم بحكم الإسلام، ما يعني أن أهل مصر يحركهم حبهم للإسلام ورغبتهم الحقيقية في العيش تحت ظل حكمه، ومن يدعوهم إلى غير الإسلام ويحيّد الإسلاميين لن تنجح دعوته رغم كل ما يعانيه أهل مصر، ورغم حالة الغضب والاحتقان غير المسبوقة التي تشهدها مصر خاصة مع القرارات الاقتصادية الأخيرة، فحالة الخوف التي أعاد النظام زرعها في نفوس الناس خلال السنوات الأخيرة، لا ينتزعها من جذورها إلا الإسلام.
إن أهل مصر بعمومهم يدركون فشل هذا النظام ورأسه، ويصبون عليه لعناتهم ليل نهار، لكن ليس لمرحلة الخروج، فالخروج يحتاج رؤية واضحة للبديل حتى لا يترحم الناس من جديد على أيام السيسي كما يترحم البعض على أيام مبارك، وهو ما لم يطرحه أحد ممن يدعون الناس للنزول بل كلهم دندنوا حول الديمقراطية وإبعاد العسكر عن المعادلة وكأن الأزمة في إساءة تطبيق الديمقراطية وتغول العسكر، وكأن هذا أمر جديد طرأ مع السيسي ورجاله، فقد سلمت أمريكا مصر لعملائها من العسكر منذ ثورة يوليو عام 1953م وحتى الآن وأطلقت يدهم يتغولون في البلاد كما يشاؤون طالما بقيت مصالحها محمية ولا تتأثر بهذا التغول.
إن السخط والغضب وحدهما لن يدفعا الناس للاستجابة لدعوات الخروج ولا تخطي عقبات النظام وآلة قمعه المستعدة لحصد أرواحهم أو اعتقالهم، بل إن ما يدفع الناس لذلك هو رغبتهم في تغيير حقيقي لواقعهم ورؤيتهم للبديل الحقيقي القادر على إحداث هذا التغيير، إنهم بحاجة إلى ثلاثة أشياء حتى يتحركوا ويكتب لحراكهم النجاح؛ أولا مشروع حضاري بديل يرضي الله عز وجل ويرضى به عنهم؛ مشروع الإسلام ونظامه ودولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وهو وحده القادر على النهوض بمصر وأهلها والأمة بعمومها وعلاج كل أزماتها بشكل صحيح، وثانيا ثلة واعية على هذا المشروع قادرة على وضعه موضع التطبيق فورا، وبينكم حزب التحرير يحمله فيكم ويدعوكم لحمله معه ليوضع موضع التطبيق، وثالثا نصرة صادقة من المخلصين في جيش مصر تمكن هذه الثلة الواعية من تطبيق هذا المشروع الحضاري. هذا وحده هو الذي سيخرج الناس من بيوتهم ويدفعهم لتخطي كل ما يضعه النظام من عقبات بل والتصدي لآلته القمعية.
أيها المخلصون في جيش مصر الكنانة: كيف تلقون ربكم وعار هؤلاء الحكام فوق رؤوسكم معلق في أعناقكم، هؤلاء الذين يتهمون دينكم بالفشل والعجز عن علاج مشكلات هم أسبابها وصانعوها؟! كيف تلقون ربكم وقد قعدتم عن نصرة المخلصين العاملين لتطبيق الإسلام من جديد والساعين لإقامة دولته الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؟! وإنكم ترون ما يحيق بمصر وأهلها من ذل وهوان وارتهان للغرب الكافر وبيع للثروات والمقدرات ونهب للخيرات تحت سمعكم وبصركم وفي حمايتكم، والأمة قد قامت بكل ما تستطيع من تضحيات في سبيل التغيير وأنتم فقط من تخلف عن الركب وأنتم أهل قوتها الذين تغدق عليهم من قوت عيالها، ومصر والأمة كلها تتطلع إليكم تستنصركم وتستصرخ نخوتكم، فالرهان كله عليكم فأنتم من بيده حل المعادلة، وأمريكا تدرك هذا وتفصل بينكم وبين أهلكم في مصر، والنظام يغدق عليكم المنح والهبات والأموال والميزات ليضمن ولاءكم ويأمن جانبكم. لكننا نعلم أن فيكم الخير يا أحفاد الفاتحين العظام، وإننا نستحث هذا الخير فيكم وندعوكم صادقين أن تقطعوا حبال ولاء هذا النظام من أعناقكم وأن تصلوا حبالكم بالله عز وجل نصرة للعاملين لتطبيق الإسلام من جديد عسى الله أن يكتبها بكم فتقام الدولة التي تنهي عقود التبعية للغرب وتعيده إلى عقر داره إن بقي له عقر دار، وتعيد عز الإسلام من جديد في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة، اللهم عجل بها واجعل مصر حاضرتها واجعل جند مصر أنصارها اللهم آمين.
* عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع