وصل إلى الخرطوم يوم الأربعاء الموافق ١٩ كانون الثاني/يناير ٢٠٢٢م وفد أمريكي برئاسة مولي في مساعدة وزير الخارجية الأمريكية، وديفيد ساترفيلد مبعوث أمريكا لدى القرن الأفريقي، وتزامن مع هذه الزيارة أيضاً وصول وفد أمني من دويلة يهود حيث عُقدت لقاءات مختلفة مع عدد من القوى السياسية وتجمع المهنيين السودانيين بالإضافة إلى عدد من جمعيات الحركات النسوية والمجتمع المدني، إلى جانب ذلك لقاءهم يوم الخميس برئيس مجلس السيادة البرهان ونائبه حميدتي. (الجزيرة نت).
نُوقشت خلال هذه اللقاءات المتعددة، القضايا والأوضاع الأمنية الشائكة في البلاد المتمثلة في أزمة الحكم واستمرار الشد والجذب بين فرقاء الصراع، وصلت إلى انسداد أُفق الحوار والتوافق ما أدى إلى انفلات الأمن وانزلاق البلاد إلى هاوية المجهول. ومن جانبه أكد الوفد الأمريكي وأمّن على الآتي:
١. ضرورة جلوس أقطاب الصراع في حوار وطني شامل عبر مائدة مستديرة، يشمل جميع الكتل والقوى السياسية والمجتمعية والنقابات المهنية للتوصل إلى وفاق وطني يضمن الخروج من الأزمة الحالية، عدا المؤتمر الوطني المحلول.
٢. تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة "تكنوقراط" بقيادة رئيس وزراء مدني لاستكمال مهام الفترة الانتقالية والتحول الديمقراطي.
٣. إدخال بعض التعديلات على الوثيقة الدستورية مع ما يتماشى ويواكب مستجدات الأحداث.
٤. قيام انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية.
ليس بالجديد أو الغريب مجيء وذهاب مثل هذه الوفود الخارجية من الدول الاستعمارية الكبرى وحلفائها بالمنطقة وتدخلهم بطريقة مباشرة في الشؤون الداخلية للبلاد لا سيما بعد أن أصبحت البلاد مرتعاً ومطمعاً لصراعات المصالح الدولية عبر الأدوات المحلية من العملاء من أبناء جلدتنا ذوي الولاء المخلص للكافر المستعمر.
عليه نود أن نؤكد على حسب الواقع المعيشي وطبيعة هذه الدول الاستعمارية أن أمريكا وغيرها من الدول الكبرى هي ليست أهل خير ولا منفعة ومصلحة لبقية شعوب العالم ممن يسمونهم دول العالم الثالث بالأخص بلاد المسلمين. فإن أمريكا نفسها في طور نشأتها كدولة قامت على أنقاض جماجم الهنود الحمر من السكان الأصليين للمنطقة بإبادتهم جماعياً وتهجير ما تبقى منهم وما زالت تمارس الهواية المفضلة لديها ذاتها من القتل والتهجير والإفقار ونشر الأوبئة في بقية شعوب العالم المستضعفة، فمثل هذه الدولة التي مارست أبشع أنواع الجرائم وانتهاك حقوق الإنسان، بالمنطق والعقل السليم لا يمكن دون أدنى شك أن تقدم خيراً لأهل السودان أو لغيرهم. وإنه بعد نجاح مخطط أمريكا لفصل جنوب السودان بواسطة عملائها في النظام البائد ستواصل عبر عملائها الجدد من الحكومة الانتقالية بالعزيمة والخطا ذاتها تنفيذ مشروع تفتيت ما تبقى من السودان وتمزيقه والقضاء عليه.
ومن يعيش الوقائع الملموسة والمشاهد للحدث السياسي بالعالم المحيط في منطقة الإقليم يرى أن مثل هذه البعثات والوفود لا تأتي مطلقاً بنية حل المشاكل والصراعات في المنطقة ولا لتعزيز ما يُسمى بالتحول الديمقراطي والتعايش السلمي واستدامة التنمية والأمن...، وغيرها من مسميات وادعاءات، وفي الأصل ابتداء أن هذه المصطلحات ليست من أدنى أجنداتها وأولوياتها، إنما تأتي لتعزيز نفوذها واستنصار عملائها وتثبيتهم وتقوية صفهم وجانبهم، وبهذا الصدد جاء هذا الوفد الرفيع من أمريكا لتركيز وتثبيت عملائها في الحكومة الانتقالية من الجنرالات وبعض السياسيين بعد أن ضعف أداؤهم في عدم تمكنهم من إخماد صوت الشارع، الذي هو آخر ما تبقى من كرت ضغط للطرف الثاني للصراع من عملاء أوروبا في حراك ديسمبر والوصول إلى توافق سياسي مشترك. وأما التصريحات والتنديدات بتجريم القتل واستخدام القوة والقمع المفرط تجاه التظاهر السلمي ما هو إلا مداهنة واستمالة لبعض المدنيين حتى يُوهم الناس والكيان الثوري خاصة بحيادية موقف أمريكا من هذا الصراع.
ومن جانب آخر مواصلة تنفيذ سير وتسريع خطوات تطبيع العلاقات مع كيان يهود الذي تمت هندسته سابقا منذ اتفاقية أبراهام التي عُقدت بتل أبيب بين رئيس مجلس السيادة البرهان ورئيس وزراء يهود السابق نتنياهو في عنتيبي، بجانب بعض التعزيزات الأمنية التي تثير مخاوف تل أبيب في المنطقة من جانب تداعيات إيران والحوثي بإنشاء قاعدة عسكرية في البحر الأحمر.
ومن هذا المنطلق والدور الذي يجب على المسلمين من أهل السودان معرفته والقيام به الآتي:
١- إن الصراع في السودان هو صراع دولي بين أمريكا وبريطانيا، وإن السبب الرئيسي لهذه الأزمة هو وجود هذه الدول وسفاراتها في البلاد، فبالتالي يجب الوقوف سداً منيعاً ضد التدخلات الأجنبية السافرة في الشأن الداخلي وقضايا الأمة المصيرية.
٢- إن ما تتم صياغته ورسمه من اتفاقيات على أساس عقيدة الحل الوسط المبنية على التنازلات ما هي إلا مؤامرات ومخططات لتأزيم الأزمات وتعقيد للمعقد من الصراع ورش البنزين على النار، وإن أساس الحلول لهذه الصراعات يجب أن ينبثق من عقيدة الإسلام.
٣- إن الأزمة الحقيقية في بلادنا التي هي سبب جميع كوارثنا ناتجة عن تطبيق المبدأ الرأسمالي، فلا يمكن إعادة تدوير الحلول نفسها من هذا المبدأ، فإن الذي يجب علينا القيام به هو تقويض هذا النظام الفاشل واستبدال نظام الإسلام به.
٤- إن التطبيع مع كيان يهود حرام شرعا وخيانة لله ورسوله وللأمة الإسلامية، ويجب معاقبة مرتكبيه أشد العقاب.
أيها المسلمون المخلصون من أبناء السودان: إن الحل والمخرج الوحيد لجميع أزماتنا وكوارثنا في السودان والبلاد الإسلامية خاصة والعالم بصفة عامة لا يكون إلا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، والتي إقامتها هي فرض على جميع المسلمين.
بقلم: الأستاذ مازن النو يوسف – ولاية السودان
رأيك في الموضوع