بسم الله الرحمن الرحيم
[(واشنطن: الولايات المتحدة تجمد منح تركيا مقاتلات اف 35 الشبح... وقال متحدث باسم البنتاغون "بانتظار قرار صريح من تركيا بالامتناع عن تسلم نظام اس 400، تم تعليق عمليات التسليم والأنشطة المرتبطة بتفعيل القدرات التشغيلية لطائرات إف 35 في تركيا". وأضاف "حوارنا مستمر مع تركيا في شان هذه المسألة المهمة"...) i24news.tv 1/4/2019]
والسؤال: هو أن اتفاق تركيا مع روسيا على صفقة إس 400 قد بدأ التداول فيه منذ شهر أيلول 2017، وحينها فإن أمريكا لم تعترض بشدة على تلك الاتفاقية بل كان موقفها أشبه بالتحفظ، فما الذي جعلها اليوم بعد نحو سنة ونصف تُظهر هذه الشدة التي هي أشبه بالتهديد لتركيا إذا استلمت هذه الصفقة من روسيا؟ وجزاك الله خيراً.
الجواب: لكي يتضح جواب السؤال نستعرض الأمور التالية:
1- لقد بدأ عدوان روسيا في 30/9/2015 على سوريا باتفاق مع أمريكا حيث (سبقه مباشرة اجتماع أوباما وبوتين في 29/9/2015 ودام الاجتماع 90 دقيقة... احتلت الأزمة الأوكرانية الجزء الأول منه بينما ركز الرئيسان على الوضع في سوريا بالجزء المتبقي. وقد ظهرت نتائج هذا اللقاء فوراً، وفي 30/9/2015 وافق مجلس الاتحاد الروسي بالإجماع على طلب بوتين استخدام القوات الجوية الروسية في سوريا... روسيا اليوم 30/9/2015") وقد كانت أمريكا تدرك أن روسيا إن طالت الحرب وضاق المستنقع على روسيا فقد تستعجل القيام بأعمال غير محسوبة أمريكياً، فأرادت أن تجعل تركيا أردوغان عيناً لها لضبط الإيقاع الروسي وفق الحدود الأمريكية فأوعزت إلى تركيا أن تشترك مع روسيا في ما يشبه التحالف حتى تضبط تركيا إيقاع الهجمات الروسية بحيث لا تتجاوز الحدود المطلوبة وهي أن لا يُقضى على المعارضة التي تُجمَّع في إدلب قبل انتهاء مشروع أمريكا في الحل النهائي للأزمة السورية لأن أمريكا تريد بقاء معارضة لتتفاوض مع النظام عند الحل النهائي.
2- لكن المشكلة كانت أن تركيا تبدو في الظاهر مع المعارضة وروسيا مع النظام، أي هما في خصومة... ثم تأزمت المسألة أكثر عندما أُسقطت الطائرة الروسية من قبل طيارين أتراك في 24/11/2015 وركب الموجة أردوغان! ورفض الاعتذار... ولأن أمريكا كانت مهتمة بأن تتوافق تركيا مع روسيا، فقد كان رأيها أن تعتذر تركيا وتتقارب مع روسيا، وهكذا كان... فبعد أن كانت تركيا تقول إن الطائرة الروسية اخترقت الأجواء ولا تستحق الاعتذار قامت وقدمت الاعتذار في 27/6/2016: (وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن "الرئيس التركي عبر عن تعاطفه وتعازيه الحارة لعائلة الطيار الروسي الذي قتل، كما قدم اعتذاره" مضيفاً أن أردوغان قال إنه "سيبذل كل ما بوسعه لإصلاح العلاقات الودية تقليدياً بين تركيا وروسيا"... العربية، 27/06/2016م) وكذلك كان ما يشبه التعويض (وقد اقترح عمدة منتجع كمر التركي منح منزل لعائلة الطيار المغدور خلال لقاء مع القنصل العام الروسي في مدينة أنطاليا جرى في وقت سابق من يوم الجمعة... روسيا اليوم 1/7/2016).وبعد أن كان بوتين العدو الذي يقصف الأهل وخاصة جبل التركمان أصبح الحديث معه في أجواء ودية،فقد اتصل أردوغان ببوتين هاتفياً في 29/6/2016 (وبحسب مصادر في الرئاسة التركية، فقد تمت المكالمة في أجواء ودية للغاية... العربي الجديد، 29/6/2016)... ثم أصبحت تركيا وروسيا في صورة الأصدقاء فيخاطب أردوغان بوتين بالصديق رغم استمرار روسيا بقصف المسلمين في سوريا...!
3- وهكذا أصبحت الصداقة حميمية ودخل أردوغان مع بوتين في اتفاقات ولقاءات... وقلنا في جواب سؤال سابق في 5/2/2017: (وظلت تركيا تقوم بهذا الدور خدمةً لأمريكا كتابع مخلص حتى بعد إعلان فوز الرئيس المنتخب ترامب 9/11/2016، ولم تكن حتى لتفكر في أي تغييرات محتملة بعد استلامه مهام منصبه 20/1/2017. ونظراً لأن ترامب أظهر مرونة تجاه روسيا في حملته الانتخابية فقد ظنت روسيا أن تحديد موعد الأستانة بعد تنصيب ترامب سيجعل أمريكا ترفع من شأن المؤتمر بأن تحضره بمستوى رفيع، فروسيا كانت تنتظر على أحر من الجمر تسلُّم الرئيس ترامب لمنصبه أملاً منها في أن وزير خارجية ترامب سيحضر، وهكذا فقد كانت روسيا تتطلع إلى أن يكون مؤتمر أستانة انطلاقة لمفاوضات سلام شاملة بين المعارضة السورية وحكومة بشار بدعم من ترامب... وذلك نتيجة غبائها السياسي في أن ترامب يدعم روسيا! ومن ثم وجهت الدعوة لواشنطن لحضور المؤتمر، وهي تتوقع حضور وفد عالي المستوى، فكانت الصفعة التي تلقتها هي أن تشارك واشنطن-ترامب في مفاوضات أستانة بإيفاد السفير الأمريكي في أستانة كمراقب! وهكذا انعقدت مفاوضات أستانة 23/1/2017 وانتهت في 24/1/2017 دونما أي نتيجة ذات شأن بالنسبة لوقف إطلاق النار، بل تكثف إطلاق النار على وادي بردى! وبطبيعة الحال دونما أي حل سياسي، فنزلت مفاوضات أستانة كثيراً عن المستوى الذي أرادته روسيا له، وانتهت المفاوضات بالمراوحة حول مربع وقف إطلاق النار!) انتهى الاقتباس
4- واستمر الوضع هكذا حتى أواخر 2017 فقد تأزم الوضع الروسي وأصبحت روسيا تلوح بالقضاء على المعارضة في إدلب وكان هذا الاهتمام بالغاً لدرجة خشيت معها أمريكا من أن تركب روسيا رأسها وتخرج عن طوع أمريكا فتُعد للهجوم النهائي على إدلب قبل الحل النهائي الأمريكي للأزمة السورية. في هذه المرحلة كان من الضروري أن تتقارب تركيا مع روسيا بقوة في ما يشبه التحالف ومن ثم لا يقع هجوم كاسح على إدلب إلا بموافقة الطرفين، وهكذا كانت صفقة إس 400 بمبلغ 2.5 مليار وهي صفقة مُغرية لروسيا وبخاصة خلال أزمتها الاقتصادية التي تمر بها، وقد بررها أردوغان بأن الطيارين الأتراك تم اعتقال أكثر من نصفهم بعد محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي وقعت منتصف تموز/يوليو من عام 2016، ومن ثم فإن القوات الجوية التركية لا تملك عدداً كافياً من الطيارين القادرين على استخدام جميع مقاتلات إف – 16 التي بحوزة تركيا، وإذن هي بحاجة إلى صفقة إس400 الروسية المتطورة لتعويض نقص الطيارين الذين يقودون الطائرات الحربية، فتكون تركيا في أمان من حيث الدفاع الجوي.
5- لقد انفرجت أسارير روسيا تجاه هذه الصفقة فهي تركز على كسب مزايا مادية، فصفقة إس 400 مع تركيا في حدود 2.5 مليار دولار، وتريد موسكو تعويض خسائرها جراء العقوبات الأوروبية الأمريكية عليها ومقاطعة الكثير منهم للنفط والغاز الروسي، وكانت هذه الصفقة عبارة عن التصاق جديد بين روسيا وتركيا، ولما اشترطت تركيا لإتمام الصفقة الإنتاج المشترك (نقلت صحيفة "أكشام" عن وزير الخارجية التركي مولود أوغلو قوله الأثنين 9/10/2017 أن بلاده قد تسعى وراء اتفاق مع دولة أخرى لامتلاك نظام دفاع صاروخي إذا لم توافق روسيا على الإنتاج المشترك لمنظومة صواريخ إس 400 DW في 9/10/2017) ثم رفضت روسيا الإنتاج المشترك فتراجعت تركيا ووافقت على الصفقة لتوقف الهجوم الروسي على إدلب الذي بدأته روسيا فعلاً (أ ف ب: قتل 28 مدنياً على الأقل ليل الجمعة السبت في غارات جوية على بلدة ارمناز في محافظة إدلب التي تعد بين مناطق خفض التوتر في شمال غرب سوريا، بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان. وكان 12 قتيلاً وردوا في حصيلة سابقة أعلنها مساء الجمعة المرصد... وكانت محافظة إدلب أُعلنت منطقة خفض توتر بموجب اتفاق أستانة ومع ذلك هاجمتها روسيا... وأشار رامي عبد الرحمن مدير المرصد الى: "تنفيذ الطائرات الحربية غارة ثانية استهدفت بلدة أرمناز بريف إدلب الشمالي الغربي، حيث قصفت الطائرات هذه مناطق تنفيذ الغارة الأولى، خلال عملية إنقاذ الجرحى وانتشال العالقين من تحت أنقاض المباني التي دمرتها الطائرات الحربية". وتابع المرصد من جهة اخرى، ان 13 مدنياً آخرين قُتلوا في عمليات قصف في مختلف مناطق المحافظة. وتتعرض محافظة إدلب منذ أسبوعين لغارات روسية وأخرى سورية مكثفة... أخبار الخليج في 30/09/2017م) وهكذا عُقدت الصفقة دون الإنتاج المشترك! وقال أردوغان - خلال عودته من رحلة إلى أوكرانيا وصربيا - (إنه لن يكون هناك إنتاج مشترك بالمرحلة الأولى من صواريخ "أس 400" التي ستشتريها بلاده، لكن في المرحلة الثانية "سنتخذ بإذن الله خطوات بخصوص الإنتاج المشترك". و"إس 400" منظومة صواريخ متطورة قادرة على تدمير أهداف من مسافات بعيدة، ويصل عدد الأهداف التي بإمكانها تتبعها في وقت واحد إلى ثلاثمئة، ويبلغ مدى تدمير الطائرات ما بين ثلاثة و240 كيلومترا، وبإمكانها تدمير جميع أنواع المقاتلات واعتراض الصواريخ المجنحة... وإلى جانب قدرتها التدميرية، فإن منظومة "إس 400" تحتاج فقط إلى خمس دقائق ليكون الصاروخ جاهزا للإطلاق، وقد تزود الجيش الروسي بها منذ عام 2007... الجزيرة في 29/12/2017).
6- وبطبيعة الحال وقفت أمريكا من الاتفاقية موقفاً هادئاً أشبه بالتحفظ وحسب، مع أن تركيا عضو في الحلف الأطلسي وتنظيم الأسلحة خلال الحلف تنظيم غربي يتعارض مع أن يكون بينه أسلحة من روسيا وبخاصة إس 400 التي تستطيع اختراق المنظومة الغربية في الحلف... ولكن أمريكا والحلف أبدوا حينها موقفاً ليناً لاعتبارين: الأول أن أمريكا بحاجة إلى بقاء الالتصاق بين روسيا وتركيا قائماً لمنع روسيا من الهجوم على إدلب قبل اكتمال الحل النهائي الأمريكي للأزمة السورية، والثاني أن أمريكا تستبعد تنفيذ هذه الصفقة ما دامت تركيا في الحلف الأطلسي، فلا تسمح أمريكا لتركيا أن توجد منظومة روسية داخل المنظومة الغربية في الحلف الأطلسي... لهذين الاعتبارين كان موقف أمريكا ومن ثم الحلف الأطلسي هادئاً لا يتجاوز التحفظ! (... ولا تزال واشنطن تصر على موقفها التحفظ إزاء شراء تركيا هذه الصواريخ فيما اعتبر حلف الناتو أن من حق تركيا اقتناء الأسلحة التي تساعدها في حفظ أمنها بعد أن أعلنت أنقرة أن المنظومة الرئيسية لن تُدمج في منظومات الناتو... الشرق الأوسط 28/12/2017).
7- ونتيجة الصفقة فقد انتعشت العلاقات بين روسيا وتركيا انتعاشاً لافتاً للنظر وهدأت جبهة إدلب نسبياً... وكانت روسيا تظن أن هذه الصداقة والمحادثات المشتركة مع تركيا ستعجل الوصول إلى حل تستطيع روسيا الخروج من مأزقها، ولكن الحال استمر نحو سنة إلى أواخر 2018 ولم يتغير شيء بالنسبة لمأزق روسيا، فقد كانت أمريكا لا تولي اهتماماً للمحادثات التي كانت تجري وبخاصة في أستانة بل تحضرها كمراقب مثل الأردن أو يمثلها سفيرها في كازاخستان! وروسيا تدرك أن ليس هناك حل إذا لم تشترك أمريكا بصورة جدية... ويبدو أن روسيا أدركت اللعبة الأمريكية فقررت الهجوم على إدلب وكانت لغبائها تظن أن تركيا ستقف معها ففوجئت بموقفها الرافض ومن ثم أعادت قواتها إلى ثكناتها! وقد وضحنا هذا الأمر في جواب سابق في 22/9/2018: [ولما تم حشر الثورة السورية المسلحة في إدلب، وأرادت روسيا الاستمرار في أعمالها العسكرية، فحشدت وتوعدت وناورت في المتوسط ببوارج كبيرة وقاذفات جوية استراتيجية وأغلقت المجال الجوي في شرقي المتوسط للمرة الأولى في تاريخها، فقد وجدت نفسها أمام مأزق كبير حيث شاهدت روسيا أموراً لم تكن في حسبانها:
أ- ... لم توافق تركيا على حرب شاملة على إدلب، (واعتبر الوزير التركي أنه ينبغي تحديد "الإرهابيين" ومحاربتهم، ولا يصح شن حرب شاملة على إدلب وقصفها بشكل عشوائي. عنب بلدي 14/8/2018)، وقد تجلّت معارضة تركيا للحرب بشكل واضح أثناء مؤتمر طهران بين رؤساء روسيا وتركيا وإيران، وأبرزت تركيا، بشكل فاجأ روسيا، مخاوفَها من الحرب على إدلب، ومن تدفق اللاجئين إليها، وأحرجت روسيا باعتبار الحرب أداةً للقضاء على الحل السياسي في سوريا، (قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الجمعة إن استمرار الهجمات على محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة سيؤدي إلى انهيار العملية السياسية في سوريا... اليوم السابع 7/9/2018)، وبهذا فقد أصبحت تركيا عقبة أمام الطموح الروسي بالقضاء على الفصائل العسكرية في إدلب. ولأنها كذلك، فقد استدعى الأمر اجتماعاً ثانياً بين أردوغان وبوتين 16/9/2018 في سوتشي، أي بعد تسعة أيام فقط من اجتماعهما في طهران...
ب- وهكذا فإن أمريكا تريد لروسيا أن تبقى عالقةً في سوريا، لا تستطيع الخروج منها إلى أن تنتهي أمريكا من تنفيذ الحل السياسي وفق مخططاتها... لقد باتت روسيا تعي هذه السياسة الأمريكية، وربما أدركت توريط أمريكا لها في سوريا، وهي فعلاً عالقةٌ فيها لا تستطيع الخروج إلا بإذن أمريكا التي تمتلك كافة أدوات التأثير في سوريا، لذلك لم تستطع إكمال هجومها الذي أعدت له لإنهاء الأزمة في إدلب على طريقتها لأن تركيا بدفع من أمريكا اعترضت وإيران صمتت... وهكذا فشل اجتماع إيران 7/9/2018 في إقرار خطة روسيا لمهاجمة إدلب وإنهاء الأزمة على طريقة روسيا... ولم يمض سوى بضعة أيام حتى عقد اجتماع أردوغان بوتين وحل محل الهجوم إنشاءُ منطقة منزوعة السلاح! وذلك بمباركة أمريكية، فقد نقلت وكالة نوفستي يوم 18/9/2018 عن مسؤول في الخارجية الأمريكية قوله للوكالة: "نرحب ونشجع روسيا وتركيا على اتخاذ خطوات عملية لمنع الهجوم العسكري من حكومة الأسد وحلفائه على محافظة إدلب..." وقال الرئيس الروسي في ختام لقائه نظيره التركي في منتجع سوتشي الروسي "قررنا إقامة منطقة منزوعة السلاح بعرض يتراوح بين 15 و20 كيلومترا على طول خط التماس، ابتداءً من الخامس عشر من تشرين الأول/أكتوبر من هذا العام"... وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو للوكالات الروسية أن هذا الاتفاق سيمنع الهجوم المرتقب منذ أيام على آخر معقل للفصائل في سوريا. ورداً على سؤال حول ما إذا كان هذا الاتفاق يعني أنه لن يكون هناك هجوم عسكري على إدلب، أجاب الوزير "نعم"، وفقا لوكالتي "إنترفاكس" و"تاس"... وفي المقابل، قال أردوغان في المؤتمر الصحفي عقب الاجتماع بين الرئيسين: "إن روسيا ستتخذ الخطوات اللازمة لضمان عدم حصول أي هجوم على منطقة خفض التصعيد في إدلب"... فرانس 24/ أ ف ب 17/09/2018)... وهكذا أوقفت روسيا قصفها على إدلب وأعادت سفنها التي ناورت في البحر المتوسط... أي أن اهتمام تركيا ومن ورائها أمريكا بمنع هجوم روسيا على إدلب كان في الدرجة الأولى لمصلحة أمريكا وليس لمنع النظام من الوصول لإدلب أو لحماية المدنيين، بل في الوقت الذي تُحكم فيه أمريكا الحل الذي تريد وتخضع له روسيا فحينها تهون عندهم دماء إدلب، مدنيين أو غير مدنيين، منزوعة السلاح أو غير منزوعة السلاح... وسيرتهم تنطق بذلك في مناطق سوريا المختلفة، وجرائمهم تتقدمهم من كل جانب...] انتهى الاقتباس.
8- وبذلك اطمأنت أمريكا بنجاح خطتها وأن تركيا أصبحت قادرة على إحباط أي هجوم روسي على إدلب قبل اكتمال الحل الأمريكي للأزمة السورية بأن توجد أمريكا عميلاً جديداً يخلف العميل الحالي ويكون له قبول من المعارضة الحالية وهذا يقتضي بطبيعة الحال أن تبقى المعارضة في إدلب للتفاوض مع النظام لإقرار الحكم الجديد حسب الخطة الأمريكية... وبناء عليه فقد أصبحت أمريكا ليست بحاجة إلى تعاون تركيا مع روسيا، فلم تعد روسيا بقادرة على حشد الحشود والهجوم على إدلب، ولذلك زال السبب الذي سكتت أمريكا من أجله عن اتفاقية تركيا مع روسيا على صفقة إس 400، وعليه بدأت مواقف أمريكا المتشددة والمهددة لتركيا إذا تم تنفيذ الصفقة كمنظومة روسية داخل منظومة الحلف الأطلسي الغربية... وأصبحت المواقف الأمريكية ضد الصفقة متشددة مع أنها كانت لينة حين عقدها لاختلاف حاجة أمريكية لتقارب تركيا مع روسيا عند عقد الاتفاقية 2017، وانتهاء هذه الحاجة في 2019...
9- ومن هذه المواقف المتشددة التي أُعلن عنها:
أ- (حذر مسئولون من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) أنقرة من أنه لا يمكن دمج المنظومة الروسية في المنظومة الجوية الصاروخية للحلف وأن شراء منظومة إس 400 سيضعف احتمال شراء تركيا لمقاتلات إف 35 من "لوكهيد مارتن" الأمريكية وقد يؤدي إلى عقوبات من جانب واشنطن... سكاي نيوز عربية. 26/2/2019).
ب- (أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية تشارلز سامرز الجمعة 8/3/2019 أن تركيا قد تواجه عواقب خطيرة في حال اشترت المنظومة الروسية المضادة، ثم أضاف في مؤتمر صحفي في البنتاغون (في حال اشترت تركيا إس 400 ستكون هناك عواقب خطيرة على علاقتنا بشكل عام وعلاقاتنا العسكرية يشكل خاص... ولن يكون بإمكانهم الحصول على طائرات إف 35 وصواريخ باتريوت... DW في 8/3/2019)
ج- (فيما قال مسؤول في الخارجية الأميركية، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة أخبرت تركيا بأن استمرار الأخيرة قدماً في صفقة الـ"إس 400"، ستهدد مشاركتها في برنامج الـ"إف 35"، كما ستهدد أي صفقة سلاح مقبلة مع واشنطن... وفي أول إجراء أميركي لمنع تسليم طائرات "إف 35" لتركيا، ذكر متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون"، الإثنين، أن الولايات المتحدة أوقفت شحن معدات متصلة بهذه الطائرات لأنقرة... وأبلغ مصدران مطلعان وكالة "رويترز" بأن مسؤولين أميركيين أبلغوا نظراءهم الأتراك في الأيام القليلة الماضية بأنهم لن يحصلوا على شحنات أخرى من المعدات المتعلقة بإف 35 واللازمة للإعداد لوصول الطائرات الشبح التي تصنعها لوكهيد مارتن... وقال المتحدث باسم البنتاغون اللفتنانت كولونيل، مايك أندروز، في بيان: "لحين صدور قرار تركي لا لبس فيه بالتخلي عن شحنات إس 400، فإن الشحنات والأنشطة المرتبطة بقدرات تركيا على تشغيل طائرات إف 35 ستتوقف". العربية نت في 2/4/2019)
د- (وكان مساعد وزير الخارجية الأميركي روبرت بالادينو قال إن واشنطن قلقة بشكل جدي تجاه هذه الصفقة. كما شدد بالادينو على أن هناك إعادة محتملة للتفكير بالإنتاج المشترك لطائرات إف 35 مع تركيا، وكذلك أي صفقات سلاح أخرى في المستقبل. وذكر أيضاً أن الدولة أو المؤسسات الخاصة والشخصيات المشاركة في شراء إس 400 يمكن أن تخضع لعقوبات محتملة بموجب قانون "CAATSA". Kurdstreetفي 11/3/2019).
رأيك في الموضوع