قامت الدول الغربية والإقليمية باستغلال أحداث باريس من أجل إيجاد رأي عام دولي بأن أعظم خطر يتهدد البشرية هو خطر الإرهاب المتمثل بتنظيم الدولة وبعض التنظيمات الأخرى..
والمدقق يجد أن الدول الغربية تدرك حجم التحولات الجارية في الأمة الإسلامية تجاه الإسلام عموما وتجاه فكرة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة خصوصا، ولذلك فإن قضية الدول الغربية الملحة في الوقت الحالي هي الحيلولة دون عودة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة من جديد. وقد صار واضحا أن الخطة المتبعة عند الدول الغربية لتحقيق ذلك هي في تصوير الإسلام أنه دين يدفع نحو "الإرهاب" وأن أتباعه وحوش بربرية ومصاصو دماء، فيستغلون مثل أحداث باريس، بصرف النظر عن الجهة التي تقف خلفها على وجه الحقيقة، ويخوّفون الشعوب الغربية من الإسلام والمسلمين لتتقبل تلك الشعوب، بدافع الحرص على أمنها، أيَّ حرب تشنها الدول الغربية ضد الإسلام والمسلمين بذريعة محاربة "الإرهاب" والمحافظة على الأمن وسلامة الناس.
إن صناعة هذه الأجواء في السنوات الأخيرة لتبرير الأعمال الوحشية الإرهابية التي تقوم بها الدول الغربية ضد المسلمين يُقصد منها كسر إرادة التغيير على أساس الإسلام عند المسلمين، وتخويفهم وتنفيرهم من فكرة الخلافة بعد أن رأوا نموذجا مشوّها لها، وإشعارهم باليأس من إمكانية قيامها، دولة راشدة على منهاج النبوة، ليستمروا خاضعين للهيمنة الغربية.
إن مواجهة هذه الأجواء وإفشال السياسة الغربية تجاه الإسلام والمسلمين، تقتضي إبراز أن الدول الغربية لم يشهد التاريخ مثل إرهابها وإجرامها، وكونها هي التي تسيطر على العالم وتفرض حضارتها عليه فهي مسؤولة عما فيه من شرور ومفاسد، ويجب أيضا إبراز أن الأعمال التي يُقام بها وتخالف أحكام الإسلام من قتل لمدنيين حرّم الإسلام قتلهم لا يتحمل مسؤولية ذلك المسلمون، ومن الافتراء على الإسلام إلقاء اللوم عليه في تلك الأعمال، بل إن تلك الأعمال تتحمل مسؤوليتها الدول الغربية سواء أكانت ردة فعل من مسلمين على إجرام تلك الدول أم كانت بترتيب منها لتتخذها ذريعة في الحرب على الإسلام والمسلمين. وبالإضافة إلى ذلك يجب إيجاد رأي عام أن تحرير بلاد المسلمين من نفوذ الكفار المستعمِرين لا يمكن أن يتم من خلال أعمال كالتي جرت في باريس، بل إن تلك الأعمال تزيد من تدخلات الدول الغربية في بلاد المسلمين، فيجب على المسلمين أن يتوحدوا خلف مشروع سياسي يهدف إلى إيجاد دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة باستخدام قوى المسلمين الحقيقية في الجيوش وسائر القوى، وبإقامة تلك الدولة يتم تحرير البلاد الإسلامية من نفوذ الكفار المستعمِرين بل وتقوم تلك الدولة بحمل الإسلام رسالة هدى ونور إلى العالم أجمع وتخليصه من شرور الدول الغربية وجرائمها.
رأيك في الموضوع