جاء في تعريف موقع الأمم المتحدة للمنظمة "وضع رئيس الولايات المتحدة الأسبق فرانكلين د. روزفلت تسمية "الأمم المتحدة"، واستُخدم هذا الاسم للمرة الأولى في "إعلان الأمم المتحدة" الصادر في 1 كانون الثاني/يناير 1942، خلال الحرب العالمية الثانية، عندما أخذ ممثلو 26 دولة من حكوماتهم تعهدا بمواصلة القتال سويا ضد قوات المحور. وقد اشترك في وضع ميثاق الأمم المتحدة ممثلو 50 بلدا في أثناء مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمنظمة الدولية، الذي عقد في سان فرانسيسكو في الفترة من 25 نيسان/أبريل إلى 26 حزيران/يونيو 1945. وقد تباحث هؤلاء المفوضون على أساس مقترحات أعدها ممثلو الاتحاد السوفياتي والصين والمملكة المتحدة والولايات المتحدة في دمبارتون أوكس في آب/أغسطس 1944... وبرز كيان الأمم المتحدة رسميا إلى حيز الوجود يوم 24 تشرين الأول/أكتوبر 1945، عندما صدق على الميثاق كل من الاتحاد السوفياتي والصين وفرنسا والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، ومعظم الدول الموقعة عليه".
فالأمم المتحدة نشأت للوجود بقرار من الغرب الكافر المستعمر، وأخذت اسمها هذا بتسمية رئيس الولايات المتحدة لها، و"الأمم المتحدة" هي وريث الأسرة النصرانية الدولية، وأمريكا التي ورثت تركة الاستعمار القديم أصبحت هي الأب لهذا اللقيط، وقد كان يراد لها أن تقتصر على الدول التي دخلت الحرب ضد ألمانيا، أي الدول النصرانية والدول التابعة لها، إلا أن رغبة أمريكا ببسط النفوذ على العالم أدت إلى توسيع عضويتها لتشمل كل دول العالم مع بقاء قواعد الدول النصرانية هي الأساس الذي تقوم عليه هذه المنظمة، وقد استطاعت أمريكا ومنذ نشأة كيان "الأمم المتحدة" من توظيف المنظمة لخدمة مصالحها وبسط نفوذها، ولعل دور الأمم المتحدة في اليمن وسوريا من خلال المبعوثين الدوليين أوضح مثال على دور هذه المنظمة في خدمة مصالح أمريكا.
وبالرغم من مشاركة عدد كبير من رؤساء وقادة دول العالم في مداولات الدورة 70 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي بدأت في 28 من أيلول/سبتمبر الماضي، إلا أنه لا بد من ملاحظة أنه لا وزن حقيقياً للجمعية العامة وقراراتها، وظهور الرؤساء وخطاباتهم مجرد نشاط بروتوكولي أشبه بالدعاية المتلفزة، وأقرب ما يقال فيهم قول جرير:
أتوعدنا وتمنعُ ما أردنا وَنَأخُذُ مِنْ وَرَائِكَ مَا نُرِيدُ
وَيُقْضىَ الأمْرُ حينَ تَغيبُ تَيْمٌ وَلا يُسْتَأمَرُونَ وَهُمْ شُهُودُ
لذلك فإن ما يقع على هامش اجتماعات الجمعية من لقاءات وأحاديث له وزن وأثر أكثر من الخطب والكلمات التي تطلق من على منبر الأمم المتحدة.
فمثلا، عقد أوباما وبوتين في 29/9/2015 على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعا استمر قرابة الساعتين لم يعلن بعد عن حقيقة تفاصيل هذا الاجتماع، إلا أن ما سبق هذا الاجتماع ثم ما تبعه مباشرة من أحداث على الأرض يدل على حقيقة ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع، فقبل اجتماعه بأوباما بيوم نقلت سبوتنيك نيوز في 28/9/2015 "قال بوتين في تصريح لشبكتي "سي بي إس" وبي بي إس" التلفزيونيتين الأمريكيتين إن "روسيا لن تشارك في أي عملية حربية في أراضي سوريا أو الدول الأخرى"، مشيرا إلى "أننا لا نخطط اليوم لذلك، ولكننا نفكر في تنشيط عملنا مع الرئيس الأسد وشركائنا في البلدان الأخرى". ولا يرى بوتين "سبيلاً لحل قضية سوريا غير تعزيز وتوطيد مؤسسات الدولة الشرعية القائمة ومساعدتها في مكافحة الإرهاب، مع حثها على الدخول في حوار إيجابي مع قسم سليم من المعارضة وإجراء تغييرات سياسية".
وبعد لقاء أوباما وفور عودته إلى روسيا من نيويورك في 30/9/2015 عقد اجتماعا لمجلس الأمن القومي الروسي، وطلب من المجلس الاتحادي منحه التفويض اللازم لاستخدام القوات المسلحة خارج حدود البلاد، ليوافق المجلس بالإجماع على طلبه، وتبدأ روسيا بعدها بعمليتها العسكرية ضد المسلمين في سوريا.
وقد نقلت سي أن أن في 4/10/2015 (قال الجنرال أندريه كارتابولوف، المسؤول العسكري في قيادة الأركان بالجيش الروسي، مساء السبت، إن المناطق التي تم استهدافها من قبل سلاح الجو الروسي في سوريا كانت قد عرّفت لموسكو سابقا بأنها مناطق تؤوي إرهابيين فقط من قبل القيادة العسكرية الأمريكية. وتابع المسؤول بحسب ما نقلته وكالة "تاس" الروسية: "الولايات المتحدة الأمريكية أخطرتنا عبر اتصالات مشتركة بأنه لا يوجد أحد غير الإرهابيين في هذه المناطق.")
فيكون بوتين عقد صفقة مع أوباما تتعلق بتدخل روسيا العسكري لإنقاذ عميل أمريكا نظام بشار، وقبل بوتين بالقيام بالأعمال القذرة التي لم تستطع أمريكا القيام بها في سوريا بضرب الثورة والثوار معتدلهم وغير معتدلهم، وهي تسعى بذلك للمحافظة على بقاء النظام بعد أن ظهر أنه على وشك الانهيار مع عجز إيران وميلشياتها وحزبها في لبنان في إحداث انتصار، بل أصبحت الهزيمة عنوان عملياتهم العسكرية.
وكذلك تسعى أمريكا لدفع قوى الثورة للارتماء في أحضانها هربا من الدب الروسي، لتتمكن من فرض حل يعيد إنتاج النظام ويساهم في إنضاج عميل بديل.
كما أن روسيا ترى في عملها هذا مكسبا استراتيجيا لها حيث إنها ترى في الثورة السورية خطرا يهدد وجودها كون المشروع الذي تحتضنه الثورة السورية هو مشروع الخلافة الحقيقية، وهذا المشروع تدرك روسيا مدى خطورته على وجودها، فتعتبر عملها في المحافظة على عميل أمريكا خط دفاع أول عن وجودها.
كما أنها تجد أن إشراك أمريكا لها ولقاء رئيسها مع رئيس أمريكا رأسا برأس يجعلها مؤثرة في الموقف الدولي ويدغدغ ذلك أحلام بوتين القيصرية.
ولعل الله سبحانه يجعل من تكالب قوى الكفر وتآلبها على المسلمين في سوريا واجتماعها تعجيلا بقرب هلاكها جميعها، فتكون الشام عقر دار الإسلام مقبرة للطغاة جميعا، ومن يرقب ما وقع في الشام من أحداث وتطورات ومؤامرات منذ بدء الثورة حتى اليوم يعلم علم اليقين أن للشام شأنا وأي شأن، فعسى الله أن يجعل تمام أمره منها أو فيها أو بها ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
رأيك في الموضوع