إن ما يعرف بالأحزاب المعارضة اليوم، كلها تعمل تحت عباءة الأنظمة وبموافقتها، فحصولها على الترخيص القانوني ابتداءً إنما يكون بعد إبداء موافقتها على النظام السياسي للبلد ملكياً كان أو جمهورياً، والموافقة على النظام تعني بالضرورة الموافقة على الدستور، وعلى شكل النظام، وعلى آليات الوصول إلى الحكم وتداوله، فإذا كانت الأحزاب موافقة على كل هذا، ففيم تتجلى المعارضة؟ وما الذي تعارضه؟ إن كانت وافقت على الدستور الذي هو أصل المشكل، ووافقت على النظام العام في البلد، ووافقت على الديمقراطية التي تقضي بجعل التشريع للبشر، وإقصاء شرع الله، فهذا يعني عملياً أنه لا توجد معارضة، اللهم إلا في بعض الأمور الفرعية، التي لا تقدم ولا تؤخر. إن المعارضة في الواقع، ليست إلا وجهاً آخر للأحزاب الموالية، ووسيلة لإطالة عمر الأنظمة عن طريق إيهام الشعوب بإمكانية إيجاد تغيير من داخل النظام. أما عملياً، فإن الحزب المعارض بمجرد وصوله إلى الحكم، فإنه يبدأ بتطبيق سياسة سلفه التي كان يعارضها سابقاً، فيما تتحول الأحزاب الموالية سابقاً إلى معارضة سياسات الحكومة الجديدة التي لا تعدو أن تكون سياستها عينها حين كانت في الحكم، وهكذا يقوم النظام الحاكم فعلياً باستعمال الأحزاب في مسرحية لتبادل الأدوار والضحك على الأمة باسم الانتخابات وتداول السلطة بين أحزاب الموالاة والمعارضة. هذا هو واقع أحزاب المعارضة في بلادنا، فلا غرابة إذن أن تبقى الأمة الإسلامية في كبوتها ما دام أن أس الداء والبلاء وهو النظام المطبق عليها حاليا هو مشروع الموالاة والمعارضة معا.
رأيك في الموضوع