نظام الحكم في الإسلام هو نظام متميز عن جميع أنظمة الحكم في العالم، له قواعد أربع يقوم عليها، فإذا اختلت قاعدة من هذه القواعد انهدم نظام الحكم في الإسلام.
القاعدة الأولى: "السيادة للشرع لا للشعب"؛ فالذي يتحكم بمفاصل الحياة وأنظمتها في دولة الخلافة هو الأحكام الشرعية المنبثقة من العقيدة الإسلامية، والمستنبطة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والقياس الذي علته شرعية، وهذه الأدلة هي التي تقرر الدستور والقوانين في الدولة. فالسيادة في دولة الخلافة للشرع وليست للشعب أو أفراد من الشعب أو الحكام، قال تعالى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾ [النساء: ٦٥].
القاعدة الثانية: "السلطان للأمة"؛ بمعنى أن الشرع جعل نَصْب الخليفة تقوم به الأمة، وهو الذي جعل الخليفة يأخذ السلطان من الأمة بهذه البيعة، فصاحب الحق في تعيين أو تنصيب الخليفة هو الأمة، وذلك عن طريق البيعة التي هي عقد مراضاة واختيار بين المرشح للخلافة والأمة الإسلامية؛ وهذا واضح في أحاديث بيعة الحكم، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ» متفق عليه، وما حصل مع الخلفاء الراشدين أنّهم إنّما أخذوا الخلافة بالبيعة من الأمة، وما صاروا خلفاء إلا ببيعة الأمة لهم.
القاعدة الثالثة: "نَصْب خليفة واحد فرض على المسلمين"؛ نصب خليفة فرض على الأمة الإسلامية، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله ﷺ قال: «مَنْ خَلَعَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» أخرجه مسلم. فالواجب هو وجود بيعة في عنق كل مسلم؛ أي وجود خليفة يستحق في عنق كل مسلم بيعة بوجوده، لأنّ وجود الخليفة هو الذي يُوجِد في عنق كل مسلم بيعة سواء أبايع بالفعل أم لم يبايع. ويجب أن يكون الخليفة واحداً لقوله ﷺ: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتيْنِ فَاقْتُلُوا الآخَرَ مِنْهُمَا» أخرجه مسلم.
القاعدة الرابعة: "للخليفة وحده حق تبني الأحكام الشرعية فهو الذي يسن الدستور وسائر القوانين"؛ فقد ثبت بإجماع الصحابة، أنّ للخليفة وحده حق تبني الأحكام.
فالخليفة أبو بكر رضي الله عنه تبنَّى إيقاع الطلاق الثلاث واحدة، وتوزيع المال على المسلمين بالتساوي، فاتَّبَعه المسلمون في ذلك، وسار عليه القضاة والولاة. ولمّا تولى الخلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه تبنَّى رأيا في هاتين الحادثتين خلاف رأي أبي بكر، وذلك بإلزام وقوع الطلاق الثلاث ثلاثاً، وتوزيع المال حسب القِدَم والحاجة بالتفاضل، واتَّبَعه المسلمون وحكم به القضاة والولاة.
وهذه القواعد الأربع فصلتها المادة 22 من مشروع دستور دولة الخلافة، الذي أعدّه حزب التحرير: "يقوم نظام الحكم على أربع قواعد هي:
أ- السيادة للشرع لا للشعب.
ب- السلطان للأمة.
ج- نصب خليفة واحد فرض على المسلمين.
د- للخليفة وحده حق تبني الأحكام الشرعية فهو الذي يسن الدستور وسائر القوانين." (مشروع دستور دولة الخلافة، الصفحات 6-7).
بقلم: الأستاذ محمد صالح
رأيك في الموضوع