تطالعنا وكالات الأنباء ووسائل الإعلام بين الفينة والأخرى بأخبار عن المرأة وخاصّة المرأة المسلمة لتعلن أنّها ما زالت ترزح تحت وطأة ظلم الرّجل "الشرقي" والقوانين الاجتماعية البالية وتظهر عمل الجمعيّات الحقوقيّة والمنظّمات النّسائيّة التي تسعى لإنصافها وتحقيق المساواة بينها وبين الرّجل وفكّ قيود كبّلتها عقودا. صورة قاتمة تنقلها لنا عدسات الكاميرات، وعيد حزين تحتفل به كلّ سنة فتكتب عنه أقلام المنشغلين بـ"قضيّتها" لتصوّر تواصل معاناة المرأة في معظم الدّول العربيّة فهي معنّفة مستضعفة تعاني القهر والاحتقار في كلّ مراحل حياتها.
إنّ توجّه الأنظار نحو المرأة المسلمة - باعتبارها عمود الأسرة - ومحاربة تمسّكها بأحكام دينها ليس بجديد بل إنّه منهج سلكه أدعياء نصرتها وإنصافها من الغرب وعملائه ممن ينفّذون أجندات مرسومة معلومة. فحرّيّة المرأة! ومناهضة العنف ضدّ المرأة!والمساواة بين الجنسين!... عناوين أطلقت لتكون لصيقة بالمرأة المسلمة على وجه التحديد ولتكون بنودا مهمّة للعزف على أوتار يهدف من ورائها تشكيك المسلمة في أحكام دينها وفي صلاحيّتها لحلّ مشاكلها وإنصافها.
ما نراه اليوم من لقاءات دولية تبحث في مشاكل المرأة المسلمة يجعلنا نطرح أسئلة إجابتها معلومة بالضرورة لكلّ مسلم غيور واع بالحرب الأبدية المتواصلة بين الغرب الكافر والإسلام: هل سعى الغرب يوما لتحقيق مصالح المسلمين؟ متى كان هذا الغرب ومن ورائه عملاؤه يريدون بالإسلام والمسلمين خيرا؟! تطلق النّداءات لتحرير المرأة المسلمة وكأنّ المرأة في الغرب قد استوفت كلّ حقوقها واعتلت عرشها وطاب لها عيشها وتنعم بحياة هنيئة مطمئنّة!!
نظرة خاطفة على الأرقام والإحصاءات المفزعة كفيلة بكشف عوار حضارته الغربية ونظرتها للمرأة. هذه الحضارة التي في ظلّها تعيش المرأة معنّفة مغتصبة مقهورة لا تتمتّع بحقوقها إلا على ورق قد بلي أو في جعجعة اجتماعات لا نرى لها طحينا... تلك هي حال المرأة الغربية وما خفي أعظم مما أعلن.
تستوقفنا في الأيام الأخيرة أنباء كثيرة محورها الحديث عن العنف المسلّط ضدّ المرأة في العديد من الدول العربية لعلّ آخرها الجدل القائم في موريتانيا حول سحب مشروع قانون العنف ضدّ المرأة الذي قدمته وزارة العدل إلى البرلمان بين مؤيّد له ومعارض يدّعي أنّ الحكومة بصدد مراجعته بما يضمن عدم مخالفة الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الوحيد للتشريع.
مصرّون هم على استحمار الناّس، فكيف يمكن أن تكون الشريعة مصدرا للتشريع وهم ينتقدون ما أطلقوا عليه "الاستغلال الديني الذي ينتهجه من يمارسون الإسلام السياسي في البلاد"؟! متى كان الإسلام مفصولا عن السياسة لا يرعى مصالح النّاس؟! متى كان الإسلام عقيدة لا نظام لها يسيّر الحياة؟!
يكرّسون مفاهيم النّظام الرأسمالي الذي ارتأوه للبلاد والعباد ثمّ يتخفّون وراء ما يدغدغ مشاعر النّاس!يغالطونهم فيطبّقون عليهم نظاما دخيلا إمعانا في خدمة الغرب في حربه على الإسلام... يرفعون شعارات منادية بإنصاف المرأة المسلمة وكأنّها تعيش في ظلّ أحكام الإسلام!أليس ما تعانيه المرأة من مشاكل هو في ظلّ هذا النّظام الذي يحكم العالم والذي أذاقها وأذاق المرأة عموما الويلات؟ أين الإسلام وأحكامه لتطلَق التّهم جزافا بأنّه هو السبب فيما تعانيه المرأة المسلمة؟ والمرأة الغربية ماذا عنها؟ أليس القاسم المشترك بينهما هو عيشهما في ظلّ هذا النّظام الوضعي الرّأسمالي وأحكامه الجائرة النّاقصة؟
أطلقت المنظّمات الحقوقيّة في موريتانيا صيحات فزع حول انتشار ظاهرة الاغتصاب وأكّدت أنّها تعود إلى عوامل كثيرة أهمّها وأبرزها غياب الرّادع القانوني وعدم العقوبة، حيث "لا توجد نصوص تعاقب الفاعل بما يستحقّ" فعن أيّ رادع قانوني تتحدّث؟ هل هو قانون الحرّيات الذي سنّه هذا النّظام الذي فصل بين إسلام ديني وإسلام سياسيّ؟
كانت المرأة المسلمة وما زالت هدفا رئيسيا من بين أهداف الغرب للتمكّن من أمّة الإسلام، فبالعمل على صرفها وحرفها عن أحكام دينها يمكنه تهديد كيان الأسرة وتحطيم أجيال والقضاء على مجتمع وتغيير مفاهيم المرأة المسلمة وتشويهها خير سبيل لهذه الغاية المرسومة.
مضحك بل محزن ما صرّحت به مقرّرةالأمم المتحدةالخاصة لقضايا العنف ضد المرأة رشيدة مانجو بأنّ ما تواجهه المرأة السودانيّة ما زال يشكّل قلقا للمجتمع الدّولي، مشيرة إلى ما وصفته بتفاقم حالة عدم المساواة والفقر. لكنّ مسؤولة سودانيّة نفت ازدياد ظاهرة العنف ضد المرأة السودانية "بالشكل الذي تتحدث عنه المبعوثة الأمميّة".
إنّهم يصرّحون ويدرسون أوضاع المرأة المسلمة ثمّ يقرّرون ويضعون آراءهم لتخدم أجندات لا بدّ من تنفيذها وإن على واقع ليس واقعها.
ورغم محاولاته المتكرّرة ونجاحه النّسبي في ذلك إلا أنّ المرأة المسلمة أثبتت ولاءها لدينها وسعيها للالتزام بأحكامه وهو ما دفع الغرب لإعلان حربه عليها فسعى في عقر داره لمنع الحجاب والنقاب وغيرهما ضاربا بما ينادي به من حريات وما يرفع من شعارات عرض الحائط واستخدم عملاءه في بلاد المسلمين لتنفيذ نواياه الدنيئة الخبيثة.
ما يحدث هذه الأيام بالمغرب صورة حيّة تنطق بذلك وتوضّح كيف أنّ المرأة المسلمة دوما مستهدفة فقد "فاجأ باشا مدينة تارودانت مجموعة من ممتهني خياطة الملابس النسائية بقرار منع خياطة لباس "البرقع"، دون ذكر للأسباب في الإشعار الذي حمل عنوان "إشعار بمنع إنتاج وتسويق لباس البرقع" والموجه لخياطي جنان الجامع، يطالب المعنيين بالتخلص من كل ما لديهم من هذا اللباس، خلال 48 ساعة التالية من تسلم الإشعار، تحت طائلة الحجز المباشر بعد انصرام المهلة، مع منع إنتاجه وتسويقه مستقبلا!" فلماذا هذا القرار؟
أكّد البعض أنّ هذا الإجراء إن هو إلاّ محاولة من الحكومة المغربيّة لصرف الأنظار عمّا تعانيه البلاد من أزمة سياسية، وذهب البعض الآخر إلى أنّه جسّ لنبض الشارع المغربي حيال قرار منع اللّباس الإسلامي. مهما تنوّعت الآراء فإنّ ما هو حتميّ هو استهداف المرأة المسلمة وجعل لباسها شمّاعة تعلّق عليها كلّ الأحداث في سعي حثيث خبيث لضرب عفّتها ولباسها.
أنتم يا من بعتم أنفسكم لأعداء الأمّة كفّوا أيديكم عن أعراض المسلمات وعودوا إلى رشدكم... عودوا إلى حضن أمّتكم التي نهضت من سباتها وستعيد مجدها وعزّها بدولتها وتقتصّ لكلّ مسلمة أريقت دماؤها أو انتهك عرضها أو أهينت كرامتها، وإن غدا لناظره قريب.
بقلم: زينة الصامت
رأيك في الموضوع