أيها الأهل في تونس، أيّها المسلمون: إنكم تشهدون كل يوم كيف يتحول بلدكم من دويلة إلى مجرد مركز حدودي تابع لأوروبا المستعمر القديم الجديد، والخطير في المسألة أن هذا الأمر يتم وسط خطابات جوفاء لا تكاد تنقطع عن التحرر والسيادة والاستقلال، فالتغيير الحقيقي لا يكون كلاما دون أفعال، وما نسمعه من الرئيس كلام تنقضه الأفعال والاتفاقيّات، ففي الوقت الذي يتكلم فيه الرئيس عن الاستقلال والسيادة يستقبل قادة أوروبا يكلمونه في شؤون تونس الداخلية ويشركهم في الأمر، بل ما رأيناه في الأسابيع الأخيرة يدل على أن الشأن التونسي قد تحول إلى شأن أوروبي بمشاركة تونس، فما شأن إيطاليا بأزمة تونس المالية؟ أليس الأمر داخليا؟ ومن سوغ لمفوض الاتحاد الأوروبي للاقتصاد باولو جينتيلوني في تصريحات تلفزية نقلتها وكالة نوفا للأنباء يوم الخميس 8 حزيران/يونيو 2023 الحديث عن استقرار تونس وتجنب التخلف عن السداد؟!
ثم أين الاستقلال حين يقول جينتيلوني هذا إن "المفوضية لديها برنامج جاهز سيضاف إلى برنامج صندوق النقد الدولي"، ويقول: "نحن نعمل على تسهيل برنامج جديد لصندوق النقد الدولي"؟ المسؤول الأوروبي يتحدث عن برامج اقتصادية تم وضعها لتونس، منها ما وضعه الصندوق ومنها ما وضعه الاتحاد الأوروبي. ثم ها هو الاتحاد الأوروبي يعين مسؤولا آخر قارا في تونس مهمته الشأن الاقتصادي (مراقبة أم متابعة أم تحكم؟) لا فرق. فأين السيادة؟ لماذا يقرر الأوروبيون مصير تونس؟ أليس هذا عدوانا صريحا على تونس؟
أيها الأهل في تونس، أيها المسلمون: إن أوروبا مستعمر قديم جديد، وقدوم قادتهم ليس إلا عدوانا متواصلا على بلادنا، واستقبالهم وإدخالهم إلى بلادنا هو إدخال عدو يبتغي العدوان، فهل تسكتون؟ ألم تكن ثورتكم من أجل التحرر؟ فما بالنا نسكت وبلادنا تزداد كل يوم تبعية وذلّا؟ ما بالنا نسكت على سلطة هزيلة جعلت من تونس مرتعا لكل عدو؟
نحن مسلمون ولن تكون لنا عزة إلا بالإسلام، وإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله، واذكروا إن شئتم قوله تعالى: ﴿وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
رأيك في الموضوع