أكدت الأميرة سبيكة بنت إبراهيم، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، أن البحرين تجاوزت مراحل تمكين المرأة، وكسب الحقوق، لتصل إلى مرحلة أكثر تقدمًا أصبحت فيها على قدم المساواة مع الرجل، في ميادين العمل، وباتت تشكل جزءاً أصيلاً من اعتبارات التنمية الشاملة، ومحركاً للاقتصاد الوطني، بناء على عراقة مشاركتها الوطنية ونضج تجربتها وتميز عطائها.
انضمت مملكة البحرين إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) بتاريخ 18 حزيران/يونيو 2002 ودخلت حيز النفاذ بتاريخ 18 تموز/يوليو 2002 وقد التزمت بتنفيذ التزاماتها بأحكام هذه الاتفاقية، سواء على صعيد برامج التوعية بمواد هذه الاتفاقية، أو على صعيد إعداد التقارير الرسمية الدورية بشأن متابعة تنفيذ مواد الاتفاقية، أو متابعة ملاحظات لجنة سيداو حول تلك التقارير، فيما يتعلق برفع التمييز ضد المرأة بحسب مواد وبنود الاتفاقية.
إن انضمام مملكة البحرين إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وإلى الاتفاقيات الأخرى التي تتعلق بحقوق الإنسان، جعل هذه الاتفاقية جزءاً من التشريع الداخلي بحسب نص المادة 37 من الدستور البحريني، فقد أقر الدستور البحريني نصوصاً تتعلق بالمساواة بين الرعية أمام القانون، في الحقوق والواجبات العامة، وبحماية الأمومة والأسرة، ثم أفرد بنوداً تنص على التزام الدولة بكفالة حقوق المرأة، ومساواتها مع الرجل في مختلف الميادين، كما تضمن الدستور أيضا نصوصاً تقر صراحة مبدأ المساواة بين الرعايا بغض النظر عن الجنس حيث تنص المادة (4) على أن "الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة"، كما تنص المادة (18) على أنه "يتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس"، فضلاً عما تضمنته الفقرة (ب) من المادة (5) من المساواة الصريحة بين الرجال والنساء في جميع المجالات حيث تنص على أنه "تكفل الدولة للمرأة مساواتها بالرجال في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية"، وقد أقرت تلك المساواة الدستورية مبادئ (المواطنة) التي تجعل جميع من يحملون الجنسية البحرينية سواءً في ممارسة الحقوق والواجبات.
وللمجلس الأعلى للمرأة الذي تترأسه الشيخة سبيكة، دور كبير فيما تحقق من تلكم التشريعات، كما أن اللجنة الوطنية لمتابعة النموذج البحريني لإدماج احتياجات المرأة في برنامج عمل الحكومة، أهم برامجه إنشاء وحدات تكافؤ الفرص، في الأجهزة الحكومية. والملاحظ من كل هذه الجهود، أنها تصب في تغريب المسلمة وإبعادها عن أحكام دينها الحنيف، واتباعاً لخطى الحركات النسوية، التي - كما هو معلوم - قامت على فلسفة تدعو لتحقيق العدالة بين الرجال والنساء، عن طريق المساواة، ويعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر، حيث كانت المرأة في الغرب محرومة من التصرف حتى في أموالها، وتفتقد فرص الالتحاق بالتعليم، والعمل، وجاهدت الحركة في سبيل الحصول على هذه الحقوق في البداية، ثمَّ نادت بالمساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، في جميع الجوانب بما فيها التركيب البيولوجي لكل منهما، وأصبحت تحمل أيديولوجية شاذة، وصولاً لاعتبار الأسرة والأمومة والزواج، من أسباب قهر المرأة! وتكرس مفهوم أنَّ المرأة ضحية للهيمنة الشيطانية للرجل.
ورغم ما يظهر في الإعلام عما حققه المجلس الأعلى للمرأة من إنجازات، للمرأة البحرينية، يتزايد حجم قضايا العنف ضد المرأة، يوماً بعد يوم، لكن هذه القضية غائبة في الإحصاءات الرسمية، وذلك من خلال دراسة مسحية للاتحاد النسائي البحريني، فقد وجد بأن نسبة كبيرة من النساء، تصل إلى 43% يتعرضن للعنف بصورة مستمرة. أما عن العنوسة فهي الأعلى بين دول الخليج! حيث يوجد في البحرين 150 ألف عانس، أي ما يعادل 25%. مع ارتفاع معدلات الطلاق، والتفكك الأسري، والذي يعزى لتعديلات جوهرية في قانون الأحوال الشخصية، خاصة تعديل وثيقة الزواج، لتضمين شروط الطرفين، ما أوجد الندية والتنافر، كما للتسهيلات من قبل مركز دعم المرأة، الذي يوفر الخدمة القضائية المجانية للمرأة، دور كبير فيما آلت إليه الأوضاع.
إن المكانة الرفيعة التي منحها الإسلام للمرأة، سواء أكان ذلك مقارنة بالعصر الجاهلي، أم بتاريخ الدول الغربية الحديثة، هي سبب انتشار الإسلام بين صفوف النساء الغربيات، اللائي لم ينلن حقوقهن من خلال الاتفاقيات الدولية، فقد ذكرت (كلير) - وهي إحدى النساء اللواتي اعتنقن الإسلام مؤخراً: "في الإسلام حرية، اكتشفت أنَّ لديَّ ما يكفيني، وأنا سعيدة حينما تعرفت على هذا الدين، لقد حررني الإسلام من الشفقة على الذات، والهواجس النفسية" (نعميمة روبرت، نساء اعتنقن الإسلام، ص 294 – 295).
قطعاً إن الإسلام وحده هو من منح الحقوق، والرعاية الحقيقية للمرأة، فضلاً عن تحريم أي شكل من أشكال سوء المعاملة، والعنف ضد المرأة، وذلك لا يعتمد على قدرتها على الكسب أو قيمتها الاقتصادية، والإسلام لا يعتمد على تحصيل الحقوق من خلال القانون فقط، بل إنّ المجتمع المسلم الذي تنتشر فيه قيم الإسلام، هو الضامن الرئيس لمنع سوء المعاملة، فضلا عن منع التمييز في الحقوق، قال رسول الله e: «فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ». (رواه مسلم)
رأيك في الموضوع