دخلت فصائل سورية بينها جبهة النصرة صباح السبت 26 نيسان/أبريل الجاري وسط مدينة جسر الشغور الاستراتيجية التي تقع بين مدينتي حلب واللاذقية.
وكانت كتائب المعارضة قد استولت على مدينة إدلب مركز المحافظة الشهر الماضي. ومنذ ذلك الحين، ما لبثت القوات الحكومية تحاول حماية خط إمدادها الواصل بين محافظتي حلب وحماة من جانب ومحافظة اللاذقية من الجانب الآخر.
كما كانت عدة فصائل تتقدمها حركة "أحرار الشام" و"جبهة الشام" و"صقور الجبل" قد أعلنت عن بدء معركة “سهل الغاب” شمال غرب محافظة حماة، بهدف تحرير 12 حاجزاً بدءًا من حاجز القاهرة، وصولا إلى أطراف مدينة جسر الشغور غرب محافظة إدلب، وتأتي أهمية “سهل الغاب” بأنها تشكل خط الدفاع الأول عن مدينة اللاذقية الساحلية التي تسيطر عليها قوات النظام، إلى جانب كونها خط إمداد إلى جسر الشغور.
وهو ما يهدد بتوجيه ضربة شديدة لحكم بشار الأسد في حال نجح الثوار بقطع خطوط إمداداته مع محافظة اللاذقية لتكون بذلك اقتربت أكثر من معاقله وخزانه البشري على الساحل السوري. وأعلن ناشطون ومعارضون أن قرابة 10 آلاف من عناصر «جيش الفتح» الذي يضم «جبهة النصرة» و«حركة أحرار الشام الإسلامية»، يشاركون في معركة إدلب.
وتأتي هذه الانتصارات التي تحققها الثورة السورية على الأرض في ظل قيام المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بجلسات وصفت بجلسات "العصف الفكري" قبل بدئه في الأسابيع المقبلة جولة استشارات مع اللاعبين الدوليين والإقليميين في جنيف، للعودة إلى المسار بغطاء يوفر اجتماع وزاري لخارجية الدول الخمس الدائمة العضوية لمناسبة الذكرى الثالثة لصدور «بيان جنيف» في نهاية حزيران (يونيو) ٢٠١٢. حيث ذكرت وسائل الإعلام أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون طلب من دي ميستورا العمل على استئناف المسار السياسي.
: مما لا شك فيه أن معارك الشمال في إدلب والجنوب في درعا بما فيها السيطرة على معبر نصيب ومدينة بصرى الشام، تحمل دلالات جديدة، أهمها التناغم بين «جبهتي» الشمال والجنوب. وكذلك قيام المعارضة بالسيطرة على آخر معبر حدودي مع الأردن بوابة سوريا إلى الخليج، والسيطرة على مدينة كبرى في الشمال، إحدى بوابات سوريا إلى تركيا.
فهل يسير القطار السوري الآن على مسارين: الأول، تصعيد ميداني داخلي بدعم إقليمي إضافي للمعارضة السورية والتلويح بتدخل عسكري إقليمي بـ «دعم من الخلف» من واشنطن. خصوصا بعدما نقلت الحياة، الجمعة، ١٧ نيسان/أبريل ٢٠١٥ (أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أبلغ قادة دول عربية التقاهم في الفترة الأخيرة بألّا ينتظروا تدخُّلاً عسكرياً أميركياً في سوريا، بل أن يأخذوا هم المبادرة وأميركا «مستعدة للدعم من الخلف وتقديم المعلومات الاستخباراتية والدعم اللوجيستي»)، في حين أن المسار الثاني، هو بحث العودة إلى المسار السياسي والعودة إلى جنيف لاختبار أفق الحل السياسي.
الإجابة على ذلك تأتي في إطار ما ستقوم به الكتائب المسلحة في سوريا بعد أن تسيطر على سهل الغاب وريف حماة الشمالي، بعد أن سيطرت على محافظة إدلب، ما سيفصل النظام عن خزانه البشري في الساحل.
فهل ستُستثمر انتصارات الثوار تلك في سبيل الحل السياسي الذي تنادي به أميركا منذ بداية الثورة، فتذهب التضحيات سدى؟؟!! وهل يستمر بعضهم في الركون إلى الدول الغربية أو أدواتها من الدول الإقليمية؟؟
لقد كثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن طروحات من هنا وهناك لحل الأزمة في سوريا، وكل تلك الحلول لا تراعي إلا شيئا واحدا، وهو استمرار نفوذ الكفار المستعمِرين في سوريا... ومن أجل ذلك فإنهم يعملون على جذب بعض قادة الفصائل ليتمكنوا من خلالهم من تنفيذ خططهم في الشام، فتذهب تضحيات أهل الشام سدى، بل تذهب تلك التضحيات خدمة لأعداء الإسلام... وهنا خطورة الأمر.
إن أخطر ما تواجهه ثورة الشام، أو غيرها من الثورات في العالم الإسلامي، التي يقوم بها المسلمون مستهدفين تغيير أوضاعهم، هو الركون إلى حكام عملاء ينفذون سياسات أعداء الإسلام والمسلمين. وأيُّ خطر آخر تواجهه ثورة الشام هو أقل خطورة من ركون بعض قادة الثورة للحكام العملاء. فالأصل في الثورة تغيير سائر الأوضاع التي أقامها الكافر المستعمِر في بلاد المسلمين، ومن بين تلك الأوضاع التي أقامها الكافر المستعمِر وجود حكام عملاء يدينون بالولاء له، فكيف يُركن إلى هؤلاء بدل العمل على تغييرهم؟؟!! وكيف يُرتجى تغيير الأوضاع ممن أساس عمله الحفاظ على الأوضاع التي أقامها الكافر المستعمِر؟؟!! فليكن التوكل على الله وحده واستمداد العون منه وعدم الركون إلى غيره فإنه سبحانه هو الناصر وهو القوي العزيز. قال تعالى: ﴿إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
رأيك في الموضوع