أشعلت التغييرات التي أجرتها وزارة التربية والتعليم في الأردن الشارع الأردني بمختلف فئاته، فقد هاجم أهل الأردن هذه التغييرات، واعتبرها الكثيرون اعتداء على الهوية الإسلامية لأهل الأردن، وقد أبرزت كثير من المواقع الإلكترونية مقارنات بين المناهج القديمة والجديدة المعدلة في مواد التربية الإسلامية واللغة العربية والتاريخ وما يسمى بالتربية الوطنية والثقافة العامة، وبينت إزالة بعض الآيات والأحاديث وصور المحجبات وغيرها، واستبدال بعض الدروس مثل درس عن سورة الليل ووضع مكانه درس عن السباحة، وحذف حديث حول آداب الطريق ووضع مكانه درس عن إشارات المرور، وحذف درس عن الطيار البطل فراس العجلوني، ووضع صورة امرأة سافرة بدل المحجبة وغيرها، ومعلوم أن النظام في الأردن يقوم بتنفيذ أجندات تُملى عليه من قبل الغرب، لا يملك الموظفون من أمثال وزير التربية إلا الاستجابة لهذه الأوامر، ويستخدمون بعض المأجورين العلمانيين لتنفيذها.
وعادة ما يتسلح هؤلاء المأجورون بالثقافة الغربية لتمرير وتبرير جرائمهم، كما كان يتسلح أصحاب الأديان والعقائد السابقة بالفلسفات القديمة لمهاجمة الإسلام، وكانوا يستخدمون بعض المسلمين ضعيفي الإيمان ليكونوا رأس حربة لهم في مهاجمة الإسلام، وقد تصدى لهم العلماء والمفكرون مما أدى إلى ظهور مدارس عقائدية وفلسفية عدة عند المسلمين، واليوم وبعد الغزو الفكري والثقافي للمسلمين من قبل الغرب، وتنصيب حكام عملاء له في بلاد المسلمين، وبعد شراء ذمم بعض الكتاب والمفكرين، واستخدام الغرب لبعض الأقلام المأجورة للترويج لأفكاره ومعتقداته، ومهاجمة أفكار الإسلام وعقائده وأحكامه، بدأت حملة مسعورة ضد ما تبقى من أحكام الإسلام، وتسلح المهاجمون بالمفاهيم والأفكار العلمانية الغربية منها والشرقية، مستخدمين بعض الأسماء الإسلامية كرأس حربة لمهاجمة الإسلام، فانبرى لهم الكثير من العلماء والمفكرين للرد عليهم، وحصلت صولات وجولات بين أصحاب الأفكار الظلامية الهدامة من العلمانيين، وبين الكتاب وبعض المفكرين الإسلاميين، كانت نتيجتها إزالة ما تبقى من مسحة إسلامية في بعض المناهج التعليمية، من قبل العلمانيين الذين منحتهم الأنظمة العميلة المناصب وأتاحت لهم المنابر، فاستغلت الشرذمة المأجورة من العلمانيين هذه المناصب والمنابر في مهاجمة الإسلام وإقصائه عن الساحة، ومحو ما تبقى من آثاره في مناهج التعليم.
وقد قامت وزارات التعليم في عدد من الدول العربية ومنها الأردن بالاستجابة لمطالب الغرب بإجراء هذه التغييرات على ما تبقى من مظاهر وقيم ترمز إلى العقيدة الإسلامية، تحت مسمى تطوير المناهج التربوية، وتعديلها من قبل غلاة العلمانيين ومتطرفيهم، وقد ساهمت هذه التوجهات الإقصائية من قبل العلمانيين الرجعيين في إيجاد بعض الجماعات التي توصف بالمتطرفة، كردة فعل على تطرف العلمانيين، حيث قامت هذه الجماعات وبعض الأفراد بأعمال ارتجالية وانفعالية، ضد بعض رموز التطرف و(الإرهاب) العلماني، وهي نتيجة طبيعية لإجحاف من بيدهم السلطة وتغولهم على قيم الناس ومعتقداتهم، وقد انخرط كثير من الشباب المتحمسين والعاطلين عن العمل ضمن هذه الجماعات، ظنا منهم أنهم سيأخذون على أيدي هؤلاء العلمانيين المتطرفين، وقامت الحكومات الغربية واستخباراتها باستغلال وتغذية هذا النهج عند بعض هذه الجماعات، عن طريق زرع بعض الوجوه في قياداتها للقيام بأعمال قتل وتدمير تُنَفر الرأي العام العالمي والإقليمي من أحكام الإسلام، لتبدأ بعدها الحملة المسعورة من خلال الإعلام المأجور المسيطر عليه غربيا، ضد الإسلام وأحكامه، بعد أن كان هجومهم يتركز على الجماعات الإسلامية التي تطالب بعودة الإسلام إلى الحياة والمجتمع كنظام حياة.
وقد ظهرت سيطرة القلة العلمانية المأجورة على المراكز الحساسة التي تدار من خلالها المؤسسات التي تؤثر على الرأي العام، كالإعلام والأوقاف والمؤسسات التعليمية الأساسية والعليا، وظهر ذلك جليا في إبراز بعض الوجوه العلمانية كخبراء مناهج وأدباء ومؤرخين ومثقفين ومفكرين وغيرها من الألقاب والصفات الأكاديمية، لينفذوا من خلال هذه الأوصاف إلى العبث بعقيدة الأمة ومهاجمة تاريخها وعقيدتها وأحكامها، ومع خلو المناهج السابقة من الأفكار والمفاهيم التي تؤثر في سلوك وبناء شخصيات إسلامية حقيقية، إلا أنهم أرادوا أن يحذفوا كل ما تبقى من الآيات والأحاديث والصور والقصص التي تشير إلى هوية هذه الأمة، بحجة محاربة الغلو والتطرف، فقد نصت خطة الحكومة الأردنية في حزيران الماضي على"تعديل المناهج وترسيخ معاني الاعتدال والوسطية" فاعتبرت وزارة التربية والتعليم الأردنية آيات الصلاة والوضوء والأحاديث التي تدعو للصدق والفضيلة ومكارم الأخلاق وصور النساء المحجبات والقصص البطولية التي تمجد المجاهدين والأبطال على ثرى فلسطين الطاهر وغيرها تطرفا وإرهابا، وقامت بإزالتها من المناهج، وسمحت لبعض المأجورين من العلمانيين بوضع سمومهم بدلا منها، فإذا كانت هذه الآيات والأحاديث والصور والقصص التي تم حذفها تدعو للعنف و(الإرهاب) كما يدّعون، فإن علمانيتهم هي من أوجدت وغذت (الإرهاب) والعنف وزرعته في كل دول العالم.
ومقارنة بسيطة بين إرهاب العلمانيين بمختلف مشاربهم الرأسمالية والماركسية والجاهلية، وبين بعض ما نسب إلى الجماعات التي يصفونها بالإرهابية، تجد العجب العجاب، وأتساءل هنا: من الذي قتل عشرات الملايين من البشر وشرد مئات الملايين خلال الحربين الكونيتين؟! ومن الذي قتل مئات الآلاف من الفيتناميين في عقد الستينات؟! ومن الذي قتل أكثر من مليون ونصف مسلم في الجزائر، أربعين ألفاً منهم في يوم واحد؟! ومن الذي قتل مئات الآلاف من النساء والأطفال والأسرى وانتهك أعراض مئات الآلاف من النساء في يوغسلافيا السابقة؟! ومن الذي دمر الشيشان وأفغانستان والعراق وقتل وشرد الملايين من أهلها؟! ومن الذي دمر مخيم تل الزعتر؟! ومن الذي يدمر مدن وقرى الشام الآن، وقتل ويقتل مئات الآلاف من أهلها وشرد الملايين؟! ومن الذي قام بمذابح دير ياسين ومدرسة بحر البقر وصبرا وشاتيلا؟! هل هي الجماعات (الإرهابية)؟! أم هي الأنظمة العلمانية بمختلف مسمياتها؟! ما لهم كيف يحكمون.
وها هو النظام في الأردن يكرم وزير التربية ويعيد تعيينه ضمن حكومة الملقي، مكافأة له على تمريره التغييرات التي أجراها إرهابيو العلمانية، ليثبت النظام بما لا يدع مجالا للشك أنه سائر في غيه لتنفيذ أجندات الغرب في المناهج التعليمية التي يسعون من خلالها إلى سلخ الأمة عن دينها، لكن أنى لهم ذلك، فالسحر سينقلب على الساحر وسيعلم هؤلاء الإرهابيون العلمانيون أنهم سيلقون في واد سحيق كما ألقي من سبقهم من سفلة الظالمين.
رأيك في الموضوع