(مترجمة)
لقد أظهر هذا الأسبوع أن عقوداً من احتواء أمريكا للصين وتطويقها بالحروب والأعداء لمنعها من الظهور كقوة في المحيط الهادئ قد فشلت في منع نهوض الصين. على الرغم من أن الصين تواصل صدها لتطويق أمريكا في المحيط الهادئ، من خلال التوسع والتحديث البحريين، فقد فتحت بهدوء الباب الخلفي عبر أوروبا حيث تهدد بأن تصادق حلفاء المحيط الأطلسي الذين تعاملت معهم أمريكا باحتقار صريح أثناء إدارة ترامب.
سعى الرئيس الصيني شي إلى الخروج من الحصار الأمريكي من خلال إعادة اختراع "طريق الحرير" القديم الذي يربط آسيا بأوروبا تحت عنوان "مبادرة الحزام والطريق" بإنفاق أموال وقروض ضخمة للبنية التحتية، وهو ما وصفه نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس باعتباره "حزاماً مُضيقاً وطريقاً ذا اتجاه واحد" تقوم الصين من خلاله بالوقوع في فخ العالم بالدين. في الواقع، تلقت الصين انتقادات كثيرة للحصول على قروض للبلدان الفقيرة التي تخدم مصالحها الخاصة أفضل من تلك التي تقرضها، لكن أمريكا نفسها مشهورة بذلك. تخوض أمريكا حرباً تجارية مريرة مع الصين، التي تهدد بمنافسة أمريكا كأكبر اقتصاد عالمي في العالم. في العام الماضي، حذر مايك بينس من أن السياسة الأمريكية تجاه الصين قد فشلت في ترويضها "كانت أمريكا تأمل في أن يؤدي التحرير الاقتصادي إلى جعل الصين في شراكة أكبر معنا ومع العالم. وبدلاً من ذلك، اختارت الصين العدوان الاقتصادي، الذي شجع بدوره جيشها المتنامي".
وأثارت أوروبا أيضاً قلقها بشأن نمو الصين، من خلال نظرة استراتيجية للمفوضية الأوروبية نشرت قبل أسبوعين تصف الصين بأنها "منافس اقتصادي في السعي لتحقيق التكنولوجيا والقيادة ومنافس منهجي يروج لنماذج بديلة للحكم" حيث سبق وصف الصين بأنها "شريك استراتيجي".
ومع ذلك، وفي تحد للتحذيرات الأمريكية، وقعت إيطاليا الأسبوع الماضي مذكرة تفاهم مع الصين تؤيد "مبادرة الحزام والطريق" التي حذر البيت الأبيض من أنها "ستؤذي سمعة إيطاليا العالمية"، في حين اشتكى مجلس الأمن القومي الأمريكي مما إذا كانت الصفقة تضفي الشرعية على "نهج الصين المفترس في الاستثمار ولن تحقق أي فوائد للشعب الإيطالي". حصلت إيطاليا على مساعدة من الصين لتمويل ديونها السيادية عن طريق إصدار ما يسمى "سندات الباندا" للمواطنين الصينيين إلى جانب صفقات بقيمة 2.5 مليار يورو بما في ذلك خطوط أنابيب النفط، وفتح ميناء تريست الإيطالي للشركة الصينية للبناء والاتصالات (CCCC).
اتخذ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زمام المبادرة ضد نفوذ الصين قبل زيارة شي، لكن شيئاً ما تغير لأن فرنسا كانت مغرية للغاية، وبعد أن أحضر ماكرون أنجيلا ميركل ورئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي لمقابلة شي، أصدر ماكرون وشي بياناً مشتركاً يدعو إلى "إبرام سريع لاتفاقية استثمار عالمي الطموح بين الاتحاد الأوروبي والصين"، بينما قالت ميركل إنها لا ترى "شيئاً يُنتقد" في صفقة إيطاليا مع شي، وأن "الحزام والطريق"، أو "طريق الحرير"، هو مشروع مهم، ويخطط الأوروبيون الآن للتعاون في مجال الفضاء، وتم رفع الحظر الصيني على واردات الدواجن الفرنسية منذ عام 2015، بينما ستشتري الصين 300 طائرة إيرباص أوروبية. تشير هذه الصفقات إلى نبرة إيجابية للعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي في وقت عزلت فيه أمريكا نفسها عن حلفائها الأوروبيين وفتحت حروباً تجارية مع الصين وأوروبا. في الواقع، كتبت صحيفة نيويورك تايمز: "إن صفقة إيطاليا مع الصين تشير إلى تحول وتراجع التأثير الأمريكي".
فتحت الصين باباً خلفياً للمحيط الأطلسي من خلال اتفاقها مع إيطاليا، وهي أول مجموعة من الدول الصناعية السبع الكبرى توقع اتفاقية مع الصين بشأن مبادرة الحزام والطريق، لكن سيظل من الصعب على الصين المرور من الباب الذي فتحته بسبب خلافاتها السياسية، التي ينظر إليها كل من الاتحاد الأوروبي وأمريكا على أنها "غير ليبرالية". ومع ذلك ومع أن أمريكا أصبحت أكثر رشاقة وأقل ليبرالية، فإن الاتحاد الأوروبي سوف يستمتع بأصدقاء جدد ليكونوا قادرين على التكيف مع التوازن الاستراتيجي المتغير في العالم مع تطور هيكل قوة متعدد الأقطاب جديد وتراجع أمريكا.
رأيك في الموضوع