لم يكن تعهد الشركات النفطية الكبرى بالعمل للوصول إلى مسار الحياد الكربوني سوى تعهد على الورق لا قيمة له، فهي بدلاً من العمل على الحد من الانبعاثات الكربونية تقوم بالمبالغة في تلويث البيئة، والتسريع في زيادة الاحتباس الحراري بشكل متزايد ليس له من دافع سوى الجشع في جمع الأموال، والتمادي في الاعتماد على الوقود الأحفوري، وعدم الالتفات لتوصيات الجهات الداعمة للانخراط في دعم التحوّل نحو المسارات الصديقة للبيئة النظيفة.
ذكر موقع إنيرجي مونيتور أنّ: "خطط استخراج النفط والغاز لخمس وعشرين شركة نفطية كبرى سينتج انبعاثات كربونية تستنزف ما يصل إلى 90% من موازنة الكربون المتبقية في العالم البالغة 1.5 درجة مئوية".
فالشركات النفطية الخمس الكبرى في العالم حقّقت أرباحاً في العام 2022 بما يقارب المائتي مليار دولار، وبمقارنة أرباحها من سنة لأخرى نجد أنّها تضاعف أرباحها على حساب الإنسان والبيئة، والأرقام التالية تفصح عن المقال وتغني عن البيان:
اسم الشركة الأرباح بالمليارات عام 2021 الأرباح بالمليارات عام 2022
إكسون موبايل الأمريكية 23 56
شل الهولندية البريطانية 20 40
شيفرون الأمريكية 16 37
بريتيش بتروليوم البريطانية 13 28
توتال إنيرجي الفرنسية 16 20
ومن جراء هذه الأرباح الطائلة التي جنتها هذه الشركات فقد طالبت الدول الغربية بفرض ضرائب إضافية عليها فقال الرئيس الأمريكي جو بايدن: "إنّ شركات النفط لا تبذل جهداً كافياً لخفض تكاليف الطاقة" ووصف الأرباح الضخمة بأنّها: "غنيمة حرب"، وأنّها تتربح من حرب أوكرانيا وقال بأنّه: "سيطلب من الكونغرس فرض ضرائب عليها".
وكذلك طالبت بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي فرض ضرائب على شركات النفط قد تصل إلى 30%.
إنّ هذه الشركات النفطية الخمس وبدلاً من تقليص إنتاجها النفطي تشهد حالياً مرحلة تطوير 157 حقلاً جديداً بالإضافة إلى 1350 حقلاً قيد التشغيل.
وفي العام 2021 ومطلع العام 2022 فقط وافقت أربع شركات نفطية كبرى وهي شيفرون الأمريكية وشل الهولندية البريطانية وإيني الإيطالية وتوتال إنيرجي الفرنسية على استثمار 58 مليار دولار في مشروعات جديدة.
وهذا التوسع الهائل لأعمال الشركات النفطية الكبرى في تطوير حقول النفط لا شك أنّه قد يتسبّب في كارثة بيئية مناخية.
إنّ جشع هذه الشركات لا يؤدي إلى تلويث البيئة والتسبّب في الاحتباس الحراري وحسب، بل سيتسبّب في نزف ثروات الأجيال القادمة من الطاقة، وينهب موارد الشعوب الضعيفة، ويراكم ثروات حفنة قليلة من الأغنياء على حساب معظم سكان الأرض، في حين تقوم الدول الرأسمالية بحمايتها والتنسيق معها على نسبة الضرائب التي تحصلها منها.
إنّ هذا الاختلال الكبير في الوضع الاقتصادي للعالم لا يستطيع إصلاحه إلا نظام عادل متوازن غير موجود إلا في الإسلام.
فدولة الخلافة القائمة قريبا بإذن الله هي الوحيدة القادرة على ضبط عمل الشركات باعتبارها مجرد آلية تقدم من خلالها خدمات فنية تأخذ عليها أجرة محددة لقاء ما تقدمه من جهود، فلا يتم تمليكها لحقول النفط تحت ستار الامتيازات التي تمنحها الدول لها.
وملكية حقول النفط في الإسلام تبقى ملكية عامة لا يجوز تحويلها لملكية الأفراد، فلا تُمّلك للشركات مطلقاً بحجة منحها الامتياز، والدولة إنما تدير هذه الملكية لمصلحة جميع الرعايا وهم أصحابها الأصليون، وأمّا الشركات فتقوم بأعمالها مقابل أجرة بسيطة محدودة وتبقى الأصول والأرباح لسائر الناس.
رأيك في الموضوع