(مترجم)
أغلقت الحكومة الفيدرالية الأمريكية جزئياً منذ 22 كانون الأول/ديسمبر عام 2018، والآن، في كانون الثاني/يناير 2019، هناك 800000 موظف فيدرالي بدون مرتب، يكافحون لتغطية سداد الرهن العقاري، وبعضهم كانوا يرجعون هدايا عيد الميلاد لدفع فواتيرهم. بعض الخدمات الحكومية لديها سبب للإغلاق وهو أن الكونغرس والرئيس لا يمكن أن يوافقوا على ميزانية السنة المالية 2019.
في أيلول/سبتمبر، أصدر الكونغرس "قراراً مستمراً" لإبقاء الحكومة مفتوحة حتى السابع من كانون الأول/ديسمبر، بينما تستمر المفاوضات، وقبل يوم من ذلك الموعد النهائي، تم تمرير "قرار مستمر" آخر لتأخير الإغلاق لمدة أسبوعين آخرين. ثم عقد ترامب اجتماعا مسرحيا مع زعماء ديمقراطيين من مجلس النواب، نانسي بيلوسي، ومن مجلس الشيوخ، تشاك شومر. حيث رفضوا طلب ترامب بتخصيص 5 مليارات دولار لجداره الحدودي مع المكسيك، وبينما علق تشاك شومر رأسه بين يديه في حالة من عدم التصديق، قال الرئيس: "أنا فخور بإغلاق الحكومة من أجل أمن الحدود... سوف أقوم أنا بإغلاقها، لن ألومك على ذلك... أنا من سيحمل الوشاح، سأكون أنا الشخص الذي يغلقها".
على الرغم من التهديدات الجريئة التي أطلقها ترامب، كشف الزعيم الجمهوري في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، في وقت لاحق أن الرئيس كان "مرنا" بشأن تمويل الجدار الحدودي. بعد أن بدا أن ترامب يخفف من موقفه بشأن تمويل الجدار الحدودي، انتقدته الأصوات المحافظة البارزة في وسائل الإعلام بشدة، وتبخرت أي إمكانية لتجنب الإغلاق بسرعة. وقال إد رولنز، الذي يقود المجموعة السياسية المؤيدة لترامب "أمريكا العظمى"، "لقد قلت بشكل حاسم أن الجدار كان أقدس تعليق قدمه الرئيس على الإطلاق... يجب على ترامب أن يكون حذرا... أنصاره يهتمون بهذا. وهذا من شأنه أن يعادي قاعدته إذا ما ابتعد"، وأحد أكثر مؤيديه عدوانية، وهي مؤلفة من المحافظين آن كولتر، نشرت عموداً بعنوان: "الرئيس الجبان في بلاد بلا أسوار". وكان نقدها قاسًيا وهاجمت شخصيته. لكن ما كان أكثر أذى هو: "... يجب أن يعلم أنه إذا لم يبنِ الجدار، فليس لديه فرصة لإعادة انتخابه وفرصته مائة في المئة بالإذلال التام". ترامب أوقف مباشرة متابعتها على تويتر ومع كون دعمه اليميني المتطرف في خطر، العودة إلى موقفه الأصلي من الإصرار المطلق على تمويل الجدار الحدودي أمراً لا مفر منه.
يخشى مؤيدوه أن يكون الجدار الحدودي مجرد شعار لحملة انتخابه. اعتقد ترامب أن الناخبين المحافظين واليمينيين سوف يحبون وعوده بجعل أمريكا عظيمة وآمنة مرة أخرى خلف "جدار كبير جميل"، وقد كان محقا في ذلك. وهو الآن يجد أنه من الأسهل بكثير تقديم وعود أكثر من الوفاء بها، وعلى الرغم من أن الجدار كان مجرد فرصة انتخابية له، فقد حشر نفسه في زاوية صعبة. لقد قال إن الجدار هو مسألة أمن قومي وأن بدونه تغرق أمريكا بالمخدرات والمجرمين. حتى إنه شبه الهجرة من المكسيك بالغزو، وقال إن (الإرهابيين) في الشرق الأوسط يهددون أمريكا من الجنوب. لا يوجد دليل على هذا الزعم المجنون، لكن عضو مجلس الشيوخ الجمهوري ليندسي غراهام كتبت دعماً لموقف ترامب عن الجدار: "عندما يتعلق الأمر بالإسلام الراديكالي، فإن الجدار الحدودي هو خط دفاعنا الأخير - وليس الأول".
على الرغم من أن الدستور الأمريكي يضع الميزانية الفيدرالية في أيدي الكونغرس، بدلاً من الرئيس، يمكن أن يمتلك ترامب جداره بسهولة إذا كان يريده فعلاً، لأن ميزانية الكونغرس تبلغ حوالي 4 تريليونات دولار بشكل عام، والجدار الذي يكلف 5 مليارات دولار يمكن الإنفاق عليه من أموال غير مصرح بها دون موافقة صريحة، وهذا هو ما يفعله الرؤساء عادة. أفاد مكتب الميزانية في الكونغرس (CPO) أن أوباما أنفق 310 مليار دولار على اعتمادات غير مصرح بها في العام الأخير من رئاسته. للحفاظ على شعبيته، لا يحتاج ترامب إلى الجدار، وإنما يحتاج فقط لأن يبدو قوياً. التهديد الأخير له: "سوف نضطر إلى إغلاق الحدود الجنوبية بالكامل إذا لم يعطنا الديمقراطيون المعيقون المال لإنهاء الجدار". سيوقف التجارة التي بلغت العام الماضي 558 مليار دولار.
رأيك في الموضوع