أعلن كيان يهود السبت 3/6/2023م عن مصرع ثلاثة من جنوده وإصابة رابع في إطلاق نار استهدف قواته على الحدود بين الكيان ومصر على يد جندي مصري يدعى محمد صلاح، 22 عاما، يخدم في قوات حرس الحدود المصرية.
لقد أعادت تلك الحادثة النوعية مسألة الصراع مجددا بين كيان يهود ومسلمي مصر رغم مرور ما يزيد عن أربعين عاما على اتفاقية السلام كامب ديفيد، ورغم التنسيق الأمني والعسكري بين الكيان الغاصب والنظام المصري.
وقد شكلت عملية محمد صلاح نموذجا بطوليا من شاب عسكري تُضاف إلى سجل العسكريين الذين سبقوه. وقد أعادت تلك العملية الذاكرة للوراء في الصدام العسكري بين الجانبين منذ حرب أكتوبر 1973م، وسقوط دفاعات يهود ودخول سيناء وما بعد سيناء.
كما أعادت تلك الحادثة الذاكرة بالنماذج البطولية التي قادها عسكريون مصريون ضد كيان يهود ومن هؤلاء: الجندي سليمان خاطر الذي أوجع يهود بقتله خمسة منهم في منطقة نويبع المصرية عام 1985م، ثم أعلن النظام المصري عن انتحاره في مستشفى السجن الحربي! والجندي أيمن حسن منفذ عملية رأس النقب في إيلات بتاريخ 28/11/1990م، فقتل 21 من ضباط وجنود يهود وأصاب 20 آخرين. وقد جاءت عمليته انتقاما لمذبحة المسجد الأقصى آنذاك التي استشهد فيها 21، وعما فعله يهود بحق طلاب مدرسة بحر البقر عام 1970 التي راح ضحيتها 30 طالبا. وبدل أن يكرمه النظام المصري قام بسجنه 10 سنوات، ثم أطلقوا سراحه ووضعوه تحت المراقبة الأمنية مدة 11 عاما!
كما أعادت تلك العملية الذاكرة إلى عرض النماذج البطولية العسكرية في الجانب الشرقي لفلسطين أمثال العقيد مشهور حديثة الجازي (المتوفى عام 2001) في معركة الكرامة عام 1968م، والذي تحطمت على يديه وأيدي المجاهدين مقولة "الجيش (الإسرائيلي) الذي لا يقهر". والجندي أحمد الدقامسة الذي أطلق النار على مجموعة من اليهوديات اللواتي سخرن منه عند تأديته للصلاة، فقتل منهن سبعة عام 1997م، ليحاكمه النظام الأردني بالسجن عشرين عاما!
ونماذج كثيرة تشهد على خيرية الجيوش وقوى الأمة ممن تخرجوا من الكليات العسكرية من جنود وضباط، ممن يحبون دينهم وأمتهم ولا يسكتون على ضيم، ومثلهم الضابط التركي الشهيد مولود مارت ألطنطاش، 22 عاما، من مكافحة الشغب التركية، الذي قتل السفير الروسي في أنقرة عام 2016م جراء ما فعله الروس بأهل حلب من قتل وتهجير فكان يهتف "الله أكبر.. لا تنسوا حلب. لا تنسوا سوريا". وكان الرد الرسمي التركي الاستنكار واعتقال والدة البطل وشقيقته للتحقيق، ومحاكمة 28 شخصا بتهم المشاركة بالحادث!
تشترك تلك الأحداث والنماذج فيما بينها من جوانب عدة منها على الصعيد الرسمي؛ خيانة الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين وتآمرها على فلسطين وعلى كل من يحاول أن يدافع عنها وعن بلاد المسلمين. فبدل أن تقوم الأنظمة بالدفاع عن المقدسات وتحرير فلسطين من يهود، نرى حكامها يطبعون معهم، ويحمون حدودهم، ويحاكمون كل من يقاتلهم، ويعبرون ليهود عن حزنهم على قتلاهم كما فعل ملك الأردن حسين سابقا ورئيس مصر السيسي مؤخرا الذي عبر عن عمق حزنه على مقتل جنود يهود في الوقت الذي يهاجم جيشهم جنين ونابلس ويحاصر قطاع غزة ويقتحم ويدنس المقدسات!
وعلى الصعيد الآخر، فإن تلك النماذج تظهر حرقة أبناء المسلمين في القوات المسلحة لما يجري للمسلمين في فلسطين وسوريا وغيرها من بلاد المسلمين، وأن الخير في جيوش المسلمين موجود لم ينقطع، وأن مجموع الأمة وجيوشها لم تلوث بفيروس التطبيع واتفاقيات السلام المذلة، وأنها ما زالت محبة للأرض المباركة وتتأثر بما يجري فيها ولها؛ ما يستوجب استثمار ذلك الحدث النوعي بخطاب الجيوش وإثارتها للقتال بإكمال مشوار محمد صلاح ومن سبقه من رفاقه حتى تحرير فلسطين كاملة ونصرة الإسلام.
د. حامد شاهين – الأرض المباركة (فلسطين)
رأيك في الموضوع