على مدار أيام شهر رمضان المبارك شهدت فلسطين، وخاصة قطاع غزة حركة نشطة للجمعيات الخيرية على اختلافها، التي تتسابق فيما بينها لإتمام أعمالها الخيرية، وهذا إنما يدل على الخير العظيم الذي يملأ قلوب أبناء الأمة الإسلامية الكريمة، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل من كل من يساهم في رسم الابتسامة على وجوه البائسين، ويمسح على رؤوس المحرومين، ويجبر كسر المظلومين، ويضمد جراح المكلومين.
لكن يجب التنويه إلى أن هذه التحركات النشطة لتلك الجمعيات، والمؤسسات الخيرية ما كانت لتكون لولا ضوء أخضر أنير لهم من الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين، التي تنطلق منها تلك الجمعيات لتقدم المساعدات الخيرية، والإغاثية لأهل فلسطين وبخاصة قطاع غزة؛ لذلك وجب على كل مسلم محب للأرض المباركة فلسطين وللمسجد الأقصى، ويشعر بأخوة الإسلام والإيمان مع إخوانه في فلسطين، وجب عليه أن يعلم أنه ليس هذا فقط ما يحتاجه أهل فلسطين:
إن المسلمين إخوة تربطهم رابطة العقيدة الإسلامية، قال عليه الصلاة والسلام: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ»، وأهل الأرض المباركة فلسطين إخوة لكم، وليسوا أصدقاء حتى تقدم لهم المعونات تحت شعارات الصداقة.
ما كانت الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين لتسمح بتلك التحركات إلا لأنها تدرك مدى ارتباط الأمة بالأرض المباركة فلسطين، وهي محاولة خبيثة منهم، ومكشوفة لتنفيس مشاعر الغضب، والاحتقان التي تملأ قلوب المسلمين في العالم أجمع، وهم يرون تغطرس يهود، وإجرامهم بحق إخوانهم في الأرض المباركة فلسطين، واعتداءاتهم المتكررة على المسجد الأقصى، ما يجعل تلك الأنظمة تخشى من ردة فعل عارمة وثورة جامحة لإسقاطها، والتخلص منها، فاتخذت من تلك التحركات الخيرية وسيلة لامتصاص غضب المسلمين وتنفيس مشاعرهم.
يجب على المسلمين أن يدركوا أن أخوة الإسلام ومحبة الأرض المباركة فلسطين تقتضي منهم أن يتمثلوا قول نبيهم e: «بل الدَّمَ الدَّم، والهَدْمَ الهَدْم، أنا منكم وأنتُم منِّي، أُحارِبُ مَن حاربتُم، وأُسالم من سالمتُم»، لا أن يكتفي المسلمون بتوفير المساعدات والمعونات فقط.
إن الأرض المباركة فلسطين وأهلها أيها المسلمون ليسوا جوعى طعام وشراب، بل إنهم يتشوقون للحرية والكرامة، متعطشون ليوم تشرق فيه الشمس وقد طُهرت الأرض المباركة ومسجدها الأقصى من دنس يهود، جوعى لساعة عزٍ تزمجر فيها جحافل جند المسلمين في باحات المسجد الأقصى، ترتل قول الله تعالى ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
إن الأرض المباركة فلسطين وأهلها أيها المسلمون يحتاجون جيوشكم، وأرتال دباباتكم، وأسراب طائراتكم، لا موائد إفطاركم وسلال غذائكم، يريدون أن تكتمل فرحة صيامهم مع فرحة تحريرهم، وأن تختلط تكبيرات عيدهم بتكبيرات نصرتكم لهم فلا يُعلم أيُّ الفرحتين أكبر.
فيا جيوش المسلمين ﴿ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ بذلك تنصرون إخوانكم، وترضون ربكم وتنالون عزي الدنيا والآخرة.
رأيك في الموضوع