ها نحن في الأسبوع الثالث للحملة العالمية للقسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير، (حملة الأسرة:التحدّيات والمعالجات الإسلاميّة) متابعين مراحلها ومواضيعها المتنوعة الشاملة لما يفيد الأسرة المسلمة في كل مكان.
تحدثنا في الجزء السابق عما قدمته المرحلة الأولى من الحملة من أسباب وعوامل تؤثر سلبا وتسبب الأذى للأسرة بأفرادها وأدوارهم بما فيها دور الإعلام والحكومات. وسنتطرق اليوم للمرحلتين الثانية والثالثة.. حيث تم في المرحلة الثانية الكشف عن الأجندة السياسية العلمانية والأعمال والإجراءات الدولية ضد قوانين الأسرة الإسلامية داخل مجتمعاتنا لمهاجمة وعلمنة الأحكام الاجتماعية الإسلامية المتعلقة بالزواج والحياة الأسرية، وتعزيز القيم الليبرالية، وأن هذا جزء من سياسة الأنظمة الفاسدة في البلاد الإسلامية. فكان هناك تبيان لهذه الأجندات في عدد من البلدان في العالم العربي مثل مصر وفلسطين والأردن والخليج العربي، وتونس والمغرب والجزائر، وكذلك في تركيا وآسيا... وذلك بالأمثلة والإحصائيات والأرقام، وشرحت بإسهاب دور المنظمات والحركات النسوية - التي تعيث فسادا وإفسادا بدعم ومباركة من الحكومات العميلة وأجهزتها المختلفة - في تدمير الأسرة. وأعطت أمثلة على أساليب التدمير مثل الهجوم على قوامة الرجل والمطالبة بإنهاء ولايته على المرأة وما أسموه بالزواج المبكر الذي حاربوه، وفي الوقت نفسه يريدون إشاعة الفاحشة باسم الحرية الشخصية. وأيضا بتشويه حكم تعدد الزوجات وإظهاره بصورة بشعة بعيدة عن مشروعيته، وكذلك أحكام الميراث وأنه ظلم للمرأة وتمييز للرجل ضدها.. والمساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للمرأة والحرية الشخصية لها.. والعنف الأسري الذي صوروه بشكل خاطئ قاصدين من خلال ذلك تشويه الإسلام... وما شابه ذلك من أساليب خبيثة مدمرة للأسرة والمجتمع.
أما المرحلة الثالثة من الحملة والتي ستنتهي قبيل انطلاق المؤتمر العالمي في أواخر شهر تشرين الأول/أكتوبر إن شاء الله، فقد ركزت على أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يشتمل على نظام اجتماعي شامل قادر في ظلّ دولة الخلافة الراشدة على تعزيز الزّيجات القويّة ورعاية الأسر وحماية ترابطها. وفي هذه المرحلة وضعت الحملة الحلول للأسباب والعوامل التي أدت وتؤدي إلى أزمة وتفكك الأسرة التي تم عرضها في المرحلة الأولى..
فقد وضحت نظرة الإسلام الفريدة نحو العلاقات بين الجنسين، وكيفية تنظيمها على النحو الأمثل للمجتمع. فسلطت الضوء على نموذج الأسرة المسلمة الذي يجب أن يُحتذى به، فبينت نظرة الإسلام وتوقعاته في الزواج؛ أهميته، هدفه، السعي إلى السكينة والهدوء... الخ، وتحدثت بالتفصيل عن أدوار وحقوق الرجل والمرأة في الزواج والحياة الأسرية. وفصّلت القوانين والمبادئ الاجتماعية والأسرية الإسلامية وكيفية تحقيقها للحفاظ على زواج قوي - مثل منع العلاقات خارج إطار الزواج، ورعاية الهدوء والوئام في الزواج، والتحكيم في الخلافات الزوجية، ومصالحة الأزواج لإنقاذ الزيجات، وإن كان لا بد من الطلاق، فقد أعطى الإسلام للمرأة المطلقة حقوقها التي سلبها منها المجتمع بعاداته ونظرته البغيضة السقيمة الظالمة للمرأة المطلّقة وكأنها مجرمة أو متهمة...الخ. وكذلك أكدت أهمية الأمومة ودور الأمهات في صناعة الرجال وبناء الأسرة. وطبعا أعطت صورة مضيئة عن الحياة الزوجية في الإسلام بعرضها الحياة الزوجية للنبي e كنموذج يُحتذى به للمسلمين. وكذلك من حياة الصحابة والتابعين ومن يسير على أحكام الإسلام. أي أن هذه المرحلة وضحت كيف ستَجبر الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة القائمة قريبا بإذن الله التفكك الأسري بتبيانها الدور الأساسي للحكم الإسلامي في رعاية وتعزيز وحماية الزواج القوي والوحدة الأسرية لبيان كيف أن الإسلام هو بالفعل حصن العائلة.
وقد استمر وصول رسائل عديدة من النساء والفتيات وحتى الرجال الذين يتابعون الحملة من كل أنحاء العالم، نشرتها صفحة المرأة والشريعة باللغتين العربية والإنجليزية تحت بند رسائل القراء تظهر مدى معاناة المرأة والطفل في ظل القوانين العلمانية الليبرالية، ومدى شوقهن للخلاص منها على يد الدولة الإسلامية...
واستمرت رسائل الفيديوهات من كل أنحاء العالم بلغاتها المختلفة والمترجمة جميعا للغتين العربية والإنجليزية، وكذلك المشاركات والتساؤلات والتعقيبات على صفحة المرأة والشريعة، وكذلك تغريدات التويتر من مختلف أنحاء العالم، والتي تظهر جميعها حجم الكارثة بتغييب شرع الله وأحكامه، وجهل العديد بالأحكام الشرعية التي تضبط علاقة الرجل والمرأة، وأحكام الأسرة والطفل، وكذلك مدى تأثير الحكومات العميلة والجمعيات النسوية والإعلام المضلّل في تغييب وتشويه هذه الأحكام التي وضعها رب العزة للنهوض بالمرأة والأسرة في كل ناحيةٍ ودور.. وكذلك أظهرت مدى تعطش الأمة للخط المستقيم، والمسار السليم الذي تود السير عليه.. والذي لن يكون إلا بتحكيم شرع الله في جميع مناحي حياتنا ومنها النظام الاجتماعي..
فكما نرى قراءنا الكرام، هي حملة مميزة بما فيها من إنارات للعقول مدعمة بالأدلة والإحصائيات والبراهين المستندة إلى العقيدة الإسلامية.. حملة كما قلنا سابقا تضع توصيفا دقيقا وحقيقيا لأزمة الأسرة المسلمة، موضحة العوامل والأسباب التي أدت لذلك، ومن ثم تضع الحل لكل هذا وهو إعادة تحكيم شرع الله ووضع القوانين والدستور في دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة القائمة قريبا بإذن الله تعالى وتوفيقه..
وتفصلنا أيام قليلة عن يوم تتويج هذه الحملة العالمية بمؤتمر عالمي تشارك فيه متحدثات من جميع أنحاء العالم، داعين الله تعالى لهن بالتوفيق والسداد وجزيل الأجر والثواب.
بقلم: الأستاذة مسلمة الشامي (أم صهيب)
رأيك في الموضوع