وتستمر الحملة العالمية للقسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير حول أزمة الأسرة ولله الحمد بقوة وزخم وانتشار واسع على مستوى القارات، كيف لا وهي مثل مثيلاتها السابقة تُغطى بلغات عدة منها العربية والإنجليزية والتركية والإندونيسية والأوردية والألمانية. وقد شملت هذا الأسبوع مقالات وفيديوهات ورسالات مصورة ومكتوبة من كل أنحاء العالم، من الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا وأستراليا... كيف لا وهذه الحملة تهتم بالأسرة التي هي عصب المجتمع وأساس بنائه، خاصة أنها تتناول المشكلة وتضع الحل لها... تشخص الداء وتصف له الدواء الناجع... تصف الواقع الذي نعيشه بدقة وموضوعية وعمق، وترسم المستقبل الزاهر إنْ عملنا لتغيير هذا الواقع المزري بالعودة إلى الإسلام وأحكامه وتشريعاته..
وكما قلنا سابقا فإن الحملة مقسمة إلى ثلاث مراحل، وكانت المرحلة الأولى التي امتدت ثمانية أيام ونُشر فيها مقالات عديدة للأخوات من مختلف أنحاء العالم قد تناولت العوامل الأساسية التي تسبب الأذى لمؤسسة الزواج ولانسجام الحياة الأسرية بما فيها دور الإعلام والحكومات في تأجيج هذه الأزمة... وتناولت وضع الأسرة المسلمة وخطر التفكك فيها خاصة الطلاق، فقد ازدادت نسبة الطلاق مؤخرا بنسب كبيرة ولفتيات صغيرات في السن، فتم التطرق إلى أسبابه، نتائجه وكيفية التعامل معه من وجهة نظر الإسلام وليس العادات وكلام الناس. وكذلك تخفيض معدل الزواج، فتم توضيح أسباب عزوف الشباب من كلا الجنسين عنه، وتأثير ذلك على الأفراد والمجتمعات، مع وضع الحلول التي تقضي على تلك الأسباب...
وكان للرأسمالية البغيضة وتأثيرها على الانهيار الأسري سواء في الغرب أو في البلاد الإسلامية، ولدور الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين في إفساد الأسرة وعلمنتها حصةٌ كبيرة في هذه الحملة، فقد وضحت دور الرأسمالية العلمانية العفنة؛ حيث حرفت الرأسمالية مفهوم الزواج وأفسدته إفسادا يخالف الفطرة ويهدد بنية الأسرة ودورها. وتسببت الليبرالية العلمانية، وهي إحدى القيم المتأصلة للرأسمالية العلمانية، في تقليص حجم الأسر، بل أدت إلى حضارة مهددة بالانقراض... وكذلك ساهمت بشكل كبير في اضطراب الأسرة بأساليب عديدة منها تخفيض قيمة الأمومة عن طريق تأنيث الهجرة واستغلال الأمهات وبالتالي القيام بدور مباشر في الإسهام في التخلي عن عشرات الملايين من الأطفال وتزايد عدد حالات الطلاق، فصار هناك استهتار بدور الأمومة وأهميتها بحيث صوروا الإنجاب وكأنه عبودية ضريبتها أن تكون المرأة أماً وربة بيت!! بينما هذا هو دورها الأصلي وليس لها حاجة أو اضطرار للخروج للعمل لكسب الرزق بل هذا واجب الرجل نحوها.
لقد وضحت لنا الحملة كيف أفسدت العلمانية هذه على المرأة حياتها وأبعدتها عن دورها الأصلي الفطري في الحياة. وكيف أن كل هذا أوجد حالة من الانفصام النكد تعيشه أسرنا المسلمة اليوم ما بين دين تؤمن به ليس من طبيعته أن ينفصل عن الحياة، وبين تشريعات قائمة على فصل الدين عن الحياة!! خاصة في ظل قلة الوعي بحجم هذه الأزمة وأسبابها ونتائجها، وفهم الدور الصحيح لكل من الرجل والمرأة في الأسرة. وأبعدت الحملةُ الإسلامَ عن تُهم "العنف الأسري" ضد النساء والأطفال الذي انتشر الحديث عنه في البلاد الإسلامية وتضخيمه على أنه من الإسلام، وأظهرت كيف أنه وباء مستورد من الغرب العلماني.
ومما تحدثت عنه الحملة تأثير وسائل الإعلام المختلفة ببرامجها الهدامة المتنوعة، التي تزرع قيما رأسمالية علمانية مبنية على الحريات الليبرالية الخالية من القيم والأخلاق الإسلامية سواء في مسابقاتها أو برامجها أو الدراما التلفزيونية الخبيثة والصناعة الترفيهية (بوليوود) في تدمير الأسرة المسلمة والمجتمع، سواء دراما عربية مصرية أو سورية أو خليجية أو تركية أو كورية أو هندية... الخ بكل ما فيها من موبقات وتجاوزات بما يبثونه من أفكار ومفاهيم وسلوكيات خبيثة معيبة بحيث تبدو مألوفة صحيحة مثل الاختلاط والسفور والمجون والخمر والعلاقات المحرمة وعقوق الوالدين والأنانية وانحدار القيم وغيرها مما هو بعيد كل البعد عن ديننا وأحكامه.
ولا ننسى دور وسائل التواصل الإلكتروني في هدم البيوت العامرة وتفرق أهلها، وذلك بالاستخدام الخاطئ لها وتزيين الحرام والعلاقات غير الشرعية متناسين أنه ما يحرّم بالمشاهدة يحرم بالمشافهة...
وتناولت الحملة كذلك أحد أهم أسباب تدمير وأزمة الأسرة والتي هي الحركات النسوية بما تبثه من أفكار مدمّرة فاسدة مُفسدة أهمها "الجندر" والمساواة بين الجنسين والحريات، ومهاجمة أحكام الإسلام الاجتماعية مثل القوامة وتعدد الزوجات وما أسموه الزواج المبكر وإباحة الاختلاط فيما لا يقره الشرع، والهجوم على اللباس الشرعي وأنه حرية شخصية، وليست مقياسا لا للأخلاق ولا للدين وأن هذا مجرد مظهر وشكل. وما صاحب ذلك كله من مؤتمرات وندوات محلية ودولية هي في الحقيقة مؤامرات لتفكيك العلاقات الأسرية.
وبفضل الله وتوفيقه كان هناك تفاعل طيب وكبير مع الحملة بلغاتها جميعا، سواء في صفحات الفيسبوك بما تحويه من منشورات وبوسترات وفيديوهات ورسائل مصورة ورسائل قراء وتساؤلات وتعقيبات، أو في صفحات التويتر خاصة العاصفة التويترية التي كانت يوم السبت 6/10/2018، أو الموقع الرسمي للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير.
نسأل الله الأجر والثواب لكل من يعمل في هذه الحملة المباركة في كل أنحاء العالم... ونلتقي بكم في المرة القادمة إن شاء الله مع المرحلة الثانية من الحملة.
بقلم: الأستاذة مسلمة الشامي (أم صهيب)
رأيك في الموضوع