احتدام الصراع بين أمريكا وبريطانيا في جنوب اليمن يزداد يوما بعد يوم ومظاهره تتكشف حتى للبسطاء من الناس بشكل كبير واضح وجلي.
والصراع بينهما في الجنوب متعدد الأوجه ذو أبعاد ثلاثة وهي:
1- البعد السياسي
2- البعد العسكري
3- البعد الإنساني
فأما البعد السياسي: فيظهر جليا من تحريك كل طرف أدواته وأتباعهم للقيام بالمظاهرات ضد الطرف الآخر، فالسعودية التي تنفذ أجندة أمريكا في اليمن تقوم بتحريك الحراك الجنوبي التابع لحسن باعوم للقيام بمظاهرات تدعو للانفصال بجدية ورفض المجلس الانتقالي الذي يرأسه عيدروس الزبيدي وهو من رجال الإمارات التي تنفذ أجندة بريطانيا في اليمن.
وبريطانيا عبر الإمارات تقوم بتحريك المظاهرات الحاشدة والغاضبة وخصوصاً في محافظة شبوة النفطية وسقطرى التي تطالب في ظاهرها برحيل القيادات المنتمية لحزب الإصلاح والتي تشغل مناصب قيادية، وأيضا تطالب بخروج القوات العسكرية التابعة لعلي محسن الأحمر الذي يتخذ من مأرب والسعودية مقراً لإقامته وفي الباطن، فإن الغرض من هذه الأعمال هو قطع الطريق أمام تدخل عملاء أمريكا في الجنوب عن طريق السعودية؛ فكلا الطرفين المتنازعين حالياً هم عملاء الإنجليز علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح في جهة والمجلس الانتقالي بقيادة الزبيدي في جهة أخرى، فكيف تفهم هذه الأعمال بين عملاء الإنجليز؟ تفهم بأن الإنجليز يخرجون هذا العمل لغرضين؛ أولاً: تقسيم المناطق بين رجالهم فحضرموت الساحل وشبوة وعدن وأبين ولحج والضالع وسقطرى سوف تسلم للمجلس الانتقالي وقيام أهل هذه المناطق للتظاهر ضد قيادات الإصلاح المكروه عند أبناء الجنوب بشكل عام، بل والقتال في شبوة ضد اللواء 21 ميكا التابع لعلي محسن الأحمر، ومن المرجح أنه سوف ينتهي هذا الأمر باستيلاء المجلس الانتقالي على هذه المناطق، والإنجليز يخرجون هذه المسرحية والتي سوف ترفع أكثر وأكثر من شعبية المجلس الانتقالي أمام أهل الجنوب، وتسعى الإمارات إلى إبراز عيدروس الزبيدي ومجلسه الانتقالي كممثل شرعي لأهل الجنوب وبهذا تكون الإمارات قد أعدتهم بديلا عند خروجها من اليمن، أما حضرموت الوادي ومأرب فمن المرجح أن تظل بيد علي محسن الأحمر، والغرض الثاني هو قطع الطريق أمام الحراك الأمريكي والقوات السعودية ومنعها وكف يدها عن التدخل فيه، وقد سبق هذه المظاهرات المشتعلة منذ أيام مظاهرات واعتصامات حركها الإنجليز عبر أدواتهم في محافظة المهرة التي تأتي في المركز الثاني من ناحية المساحة بعد محافظة حضرموت، والمهرة هي البوابة الشرقية لليمن وتشكل الحدود الشرقية مع سلطنة عُمان التي لها علاقة كبيرة مع قبائل المهرة، ووصل الأمر في محافظة المهرة إلى مطالبة المتظاهرين علناً بخروج القوات السعودية بل وقيامهم بالأعمال المادية، وقد ذكر موقع الخليج أونلاين في 6/3/2019م ما يلي (اعترض مسلحون قبليون من محافظة المهرة قوات وآليات سعودية كانت في طريقها إلى المحافظة وأجبروها على التراجع).
أما البعد العسكري:
فإن مسلحين قبليين من المهرة اعترضوا قبل شهر قوات سعودية وآليات كانت في طريقها إلى محافظة المهرة لبسط نفوذها عليها ومزاحمة نفوذ الإنجليز فيها الذي يمثله في المهرة رجالات مرتبطون بسلطنة عمان (المحمية البريطانية).
كما دفع الإنجليز بتعزيزات وقوات من مأرب للواء 21 ميكا التابع لعلي محسن الأحمر في مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة النفطية وذلك لإحكام سيطرة الإنجليز على الجنوب، وقد دار بسبب وصول تلك التعزيزات العسكرية قتال استمر يومين في مدينة عتق من يوم الأربعاء الموافق 19/6/2019م إلى يوم الخميس الموافق 20/6/2019م، وقد دار القتال بين قوات النخبة الشبوانية المدعومة من الإمارات واللواء 21 ميكا التابع لعلي محسن الأحمر وكلاهما عملاء للإنجليز، إلا أنها مسرحية ومقدمة لتسليم الجنوب للمجلس الانتقالي بقيادة عيدروس الزبيدي ليصبح الجنوب في قبضة إنجليزية واحدة لقطع الطريق على أمريكا وعملائها حراك باعوم والسعودية خاصة وقد ترددت أخبار عن عزم الإمارات الانسحاب من اليمن والخروج منه وعودة جنودها إلى الإمارات، فإن صحت هذه الأخبار فمعنى ذلك أن بريطانيا تنسق بين عملائها لتسليم الجنوب للمجلس الانتقالي وتعزيزه بالقوات الضخمة لبسط هيمنته على الجنوب وإحكام سيطرته عليه.
أما البعد الإنساني:
فهو واضح من تسابق الطرفين السعودية والإمارات على تقديم المساعدات الإنسانية في مجالات مختلفة وفي مقدمتها الصحة والغذاء، وذلك استغلال للوضع الكارثي الذي يخيم على اليمن كلها، ونحن نتابع الأعمال التي تقوم بها كلا الدولتين والغرض من هذه الأعمال التي ظاهرها إنسانية وباطنها إجرامية هو كسب ود الناس وصناعة عملاء من أهل البلد مرتبطين بالغرب الكافر.
إنه لمن المحزن والمؤلم أن يكون أهل اليمن هم وقود ذلك الصراع القذر الذي يخطط له وحوش البشرية أمريكا وبريطانيا وينفذه عبيدهم في السعودية والإمارات في الجنوب وإيران في الشمال وأدواتهم المحلية، والضحية هم أهل اليمن فهم الخاسر الوحيد؛ فهم الذين تسفك دماؤهم وتنهب ثرواتهم وتدمر بلادهم وأنكى من ذلك إجبارهم على التحاكم لقوانين الطاغوت التي أمرنا الله أن ننبذها ونكفر بها، قال الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا﴾.
إن الطرفين المتصارعين ليس فيهما خير لأهل اليمن بل إن استمرارهم في حكم اليمن سيسبب الشقاء والتعاسة لأهله سواء انفرد بالحكم أحدهما أم حكما معا لأنهما عملاء للكافر المستعمر عدو الإسلام والمسلمين ويتسابقون على تنفيذ أجندته والحكم بمبدئه الرأسمالي المجرم الذي اكتوت بشروره البشرية جمعاء... إن المخرج الوحيد هو العمل مع حزب التحرير لإسقاط عروش هؤلاء العملاء جميعا سواء أكانوا من عملاء أمريكا كالسعودية وحراك باعوم في الجنوب والحوثيين في الشمال، أم كانوا من عملاء بريطانيا كالإمارات ومجلسها الانتقالي في الجنوب أم هادي وطارق عفاش وعلي محسن الأحمر في الشمال والشرق والغرب، والسعي مع حزب التحرير لإقامة شرع الله وتطبيقه في جميع شؤون الحياة من خلال إقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي فيها عزة المسلمين ونهضتهم.
بقلم: الأستاذ شايف الشرادي – اليمن
رأيك في الموضوع