إن المعلومات تؤثر على الإنسان، بسبب حاجته إليها في التفكير ليربطها مع الواقع وينقلها إلى الدماغ بواسطة الحواس ليحكم عليه. ووسائل الإعلام تنقل المعلومات إلى الناس لتؤثر على تفكيرهم إن كانت خاطئة أو مغلوطة أو صحيحة. ولا تكتفي بنشر المعلومات، بل تربطها بالصورة التي ربما لا تعكس الحقيقة وهذه أكثر تأثيرا، وأكثر من ذلك تعطي أفكارا حول الموضوع، ربما تكون مضللة فيتلقفها الناس وعامتهم تتأثر بذلك. وتستخدم أساليب متقنة لتقنعهم بصحة المعلومات والأفكار لتوجد رأيا عاما معينا.
ولهذا فإن وسائل الإعلام ليست وسائل لبث الأخبار مجردة وبشكل موضوعي بحت دون تدخل فتترك الناس يفكرون، بل هي موجهة من أصحابها حسب عقلياتهم وتوجهاتهم والدول التي تقف من ورائهم، فإن كانوا كفارا أو موالين لهم أو مأجورين فهم في حرب مع الإسلام.
ومن هنا كانت وسائل الإعلام الغربية خاصة وهي التي توجه وسائل الإعلام في البلاد الإسلامية، تشن حربا خبيثة ضد الإسلام وحملته والمتمسكين به، وتدس في أخبارها السم من معلومات مغلوطة وربما كاذبة ومن تشويه للحقائق ومن نقل لها من جانب وإهمال جانب مهم أو نقل أنصاف الحقائق أو اعتماد التضليل أو التعتيم أو تلميع جانب وتشويه جانب آخر ولفت الأنظار إلى جانب وصرفها عن جانب آخر مهم، حسبما تؤدي مصلحتها في هذه الحرب، وإطلاق التسميات والألقاب على المسلمين وخاصة العاملين لإقامة حكم الإسلام لتشويه صورتهم.
والمؤرخون الغربيون كتبوا كيف ضُللت شعوبهم في الحروب الصليبية؛ إذ تعمدت الدول إلى اختلاق الأكاذيب، فوصفوا المسلمين بالهمج وعباد أوثان وأنهم جعلوا بيت المقدس مكانا لرمي النفايات وقام رهبانهم متعمدين الكذب ببث هذه الدعاية فألبوا الشعوب لتنقاد لملوكهم المستبدين المتحالفين مع الكنيسة.
وبعد اكتشاف الإذاعة والتلفزيون والإنترنت ومواقع التواصل الإلكتروني والتلفونات الذكية بجانب السينما صار الأمر ممنهجا ومتقنا أكثر، وأشد خبثا إذ تبدو الأخبار أو الصور صحيحة ولكنها تحوي مغالطات أو أفكارا مضللة. وقد برزت وكالات أنباء ووسائل إعلام لديهم فأصبحت موثوقة.
وقد استخدموا السينما والبرامج والمسلسلات التلفزيونية والفيديوهات عبر الإنترنت لتلعب دورا مؤثرا في تشويه صورة الإسلام والمسلمين، ليصوروهم بأنهم قتلة متوحشون لا يعرفون الحضارة؛ يهينون المرأة، متعصبون جهلة، شكلهم قذر، وتصرفاتهم قبيحة، وملابسهم وسخة، وعقولهم ساذجة، مشايخهم وزعاماتهم لديهم المال يبذرونه على النساء ويتاجرون بهن، دينهم خرافي، ونبيهم زير نساء، وشعوبهم فقيرة متخلفة والأمراض متفشية فيها، فيثيرون الشك والريبة والخوف من كل ما له صلة بالإسلام. ويصورون الغربي وأتباعه العلمانيين والديمقراطيين كذبا وزورا بأنهم رجال سلام ومتمدنون ومتحضرون يحترمون المرأة والإنسان، يعرفون كيف يتصرفون بالمال، وكيف يعالجون المشاكل بحكمة وعقلانية وبعمق وبهدوء، فينتجون الحلول الناجعة والأفكار المستنيرة وينقذون الضعيف والمرأة والطفل ويساعدون المحتاج ويحاربون الشر ويقدمون الخير للبشرية. فأفلام هوليوود الأمريكية تطفح بذلك وسائر الأفلام والمسلسلات الأمريكية والغربية.
وإنهم ليختارون المصطلحات، ففي الثمانينات أطلقوا لقب الأصولية على التفكير الإسلامي والأصوليين على المسلمين العاملين للإسلام، ولكنهم لم ينجحوا لأن هذه الكلمة واقعها يختلف عند المسلمين عن الغربيين إذ تعني العودة لحياة المسيح البسيطة والبدائية والرفض لكل أشكال المدنية، فعندما لم ينجحوا في ذلك ولتعزيز حربهم قرنوا الإسلام بالإرهاب والتشدد.
وقد اعترف الرئيس الفرنسي ماكرون يوم 9/7/2018 بالعداوة التي أظهرتها فرنسا ضد الإسلام والمسلمين قائلا: "هناك قراءة متشددة وعدائية للإسلام ترمي إلى التشكيك بقوانيننا كدولة حرة ومجتمع حر لا تخضع مبادئهما لتعليمات ذات طابع ديني". وذلك عندما رأى المسلمين قد أدركوا أن الغرب منافق وكاذب في ادعائه للحرية والمساواة، فيحرم الحرية على المسلمين ويمنحها لكل من يعادي الإسلام والمسلمين.
إنهم عملوا على استغلال الهجمات المسلحة التي يقوم بها بعض المسلمين سواء لمقاومة الاستعمار في البلاد الإسلامية أو الذين يقومون بأعمال ضد المستعمرين في عقر دارهم. ربما تقوم الدول الاستعمارية والأنظمة العميلة بتنظيم هجمات وتفجيرات وتنسبها للمسلمين من أجل تشويه صورة الإسلام وتبرير هجومهم على العاملين له. فيكون ذلك مادة في وسائل الإعلام في حربهم لمنع عودة الإسلام إلى الحكم ومنع نهضتهم، ولتأكيد نظرتهم حول الإسلام. فنرى كل دول العالم جعلت محاربة (الإرهاب) حجر الزاوية للهجوم على الإسلام وسخرت كل وسائل إعلامها. فيريدون أن يحموا أنظمتهم من ثورات الشعوب، علما أن الدافع لهذه الشعوب هو الإسلام وتتوق لتطبيقه للتخلص من الظلم والسحق والإذلال الذي تتعرض له.
ووزير خارجية أمريكا بومبيو أثناء زيارته لمصر يوم 10/1/2019 أعلن تأييد أمريكا لحاكمها المستبد السيسي في حربه على الإسلام وبأنها تقف معه "في الحرب على (الإرهاب) التي تهدد جميع أصدقائنا في الشرق الأوسط.. وإن خطر الإسلام الراديكالي حقيقي". إذن ليست الحرب على الإسلام بسبب بعض الهجمات المسلحة، بل بسبب رؤيتهم للإسلام بأنه خطر عليهم وعلى الأنظمة التابعة لهم، ويقصدون عودة الإسلام إلى الحكم، وعندئذ سيطهّر المنطقة من رجسهم ويحرمهم من سرقاتهم لثرواتها.
وبسبب أوضاع المجتمعات والاختراعات الحديثة صارت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإلكترونية تلعب دورا مهما في حياة الناس وفي تزويدهم بالمعلومات والتأثير عليهم فكان لزاما عدم إهمالها، بل فرض استخدامها حسب قاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وخاصة أن الأعداء يستخدمونها في الهجوم على الإسلام وأهله والعاملين له. فيريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، فصار لزاما علينا أن نواجه ذلك بكل ما أمكننا حتى يتمّ الله نوره بواسطتنا ولو كره الكافرون وأولياؤهم. ولذلك نحدد النقاط التالية التي تتعلق بالموضوع:
1- فضح أكاذيب ومغالطات وسائل الإعلام تلك.
2- التصدي لها بكل قوة ونقضها باستخدام كافة الوسائل.
3- محاولة الاتصال بالعاملين في وسائل الإعلام لتحذيرهم وردعهم والتأثير عليهم.
4- إيجاد وسائل إعلام إسلامية قوية وبأساليب متقنة.
5- حض كل مسلم على العمل والمشاركة بما يستطيع وخاصة شبكات التواصل الإلكتروني.
6- تعيين شباب مخلصين مختصين لتوجيه المسلمين.
7- تحميل كل القوى الإسلامية أحزابا وجماعات وعلماء ومفكرين مسؤوليتهم وإشراكهم في العمل.
8- توظيف المسلمين القاطنين في بلاد الغرب حيث تقع عليهم مسؤولية كبيرة بأن يقوموا بتحسين صورة الإسلام وتفنيد ادعاءات وسائل الإعلام الغربية ويقوموا بالاتصال بالناس ومخاطبتهم مباشرة.
9- وأهم نقطة هي العمل على إقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي ستقضي على كل الموالين والمأجورين في الداخل والتصدي للهجمات الخارجية، بل قيامها بالهجوم عليهم.
﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾
رأيك في الموضوع