على موقعها بتاريخ 20 أيلول/سبتمبر 2018م قالت منظمة العفو الدولية إن قمع حرية التعبير في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد وصل إلى مستويات مروعة، لم يشهد لها مثيل في تاريخ مصر الحديث؛ بينما تطلق حملة تدعو إلى الإفراج فوراً، ودون قيد أو شرط، عن جميع الذين اعتقلوا لمجرد تعبيرهم عن آرائهم بصورة سلمية، وتطلق المنظمة الدولية حملة بعنوان: "مصر، سجن مفتوح للمنتقدين"، رداً على حملة القمع الشديد التي لم يسبق لها مثيل في مصر، بينما يعرب الناس في جميع أنحاء البلاد عن استيائهم المتزايد من الوضع الاقتصادي والسياسي. وتدعو منظمة العفو الدولية المؤيدين من جميع أنحاء العالم للتضامن مع أولئك الذين يواجهون خطراً بسبب تعبيرهم عن آرائهم، والكتابة إلى الحكومة المصرية ومطالبتها بوضع حد للاضطهاد، وقالت نجية بونعيم، مديرة الحملات لشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية:أصبح انتقاد الحكومة في مصر أشد خطراً الآن، أكثر من ذي قبل. فالمصريون الذين يعيشون تحت حكم الرئيس السيسي يُعاملون كمجرمين لمجرد تعبيرهم عن آرائهم بصورة سلمية، "فالأجهزة الأمنية تقمع بقسوة أي مساحات سياسية أو (اجتماعية) أو حتى ثقافية مستقلة. وتعد هذه الإجراءات أكثر تطرفا من أي شيء شوهد في خلال الحكم القمعي للرئيس السابق حسني مبارك، الذي دام 30 عاماً. لقد تحولت مصر إلى سجن مفتوح للمنتقدين".
هذا ما وصفت به منظمة العفو الدولية واقع مصر في ظل حكم الرأسمالية التي يمثلها ويحكم بها السيسي وإن ازدادت بشاعة ممارساتها عن عهد مبارك، الذي خُلع بعد ثورة يناير التي انطلقت بسبب ممارسات النظام لسياسات قمع أقل من هذه. وبدافع الخوف من تطور الأمور وخروجها عن السيطرة تخلت أمريكا عن عميلها المخضرم حفاظا على باقي رجالها في المؤسسة العسكرية، ثم كان الإخوان بقلة وعيهم السياسي مطية إلى حين رتبت أمورها من جديد وانقلبت عليهم وذبحتهم بشكل مروع في رابعة والنهضة وغيرها، وأصبح كل معارض لحكم عملائها مستهدفاً مستباح الدم والمال وحتى العرض، ولم يكتف عميلها الجديد بقمع معارضيه وقتلهم واستباحتهم بل وجه آلة قمعه كذلك إلى منافسيه في العمالة ومن يُحتمل منهم منازعته على العرش المهترئ، بل تجاوز ذلك إلى شركاء الأمس ممن شاركوه ودعموه حتى وصل إلى ما صار عليه وتمكّن من رقاب الناس.
في المقابل وبينما يرى الناس البطش بكل من يسير على غير الخط الذي رسمه النظام أو يعارض سياساته تتنزل قراراته الكارثية على رؤوسهم كالمطر تلتهم دخولهم وتأتي على ما تبقى من مدخراتهم، وفي اعتراض صامت يستقبلها الناس استقبال السجين لجلاده الذي يقوده لزنزانته، نعم فلقد أصبحت كل بلادنا وليست مصر وحدها معتقلات كبرى محاطة بأسلاك شائكة تسمى حدود إذا ولد المرء فيها قد لا يخرج منها حرا إلا إلى القبر!
نعم يا أهل الكنانة! هذا هو واقع بلادكم بعد ثورة خرجتم فيها تطالبون بالعدل والحرية والكرامة فكان الرد من أمريكا صاحبة السيادة والسلطان في بلادكم بالعمل على كسر إرادتكم كسرا تترحمون من وجعه على أيام مبارك، وكان لها ما أرادت ورأينا الشعب الذي خرج عن بكرة أبيه يطالب بإسقاط النظام يخضع أمام قرارات النظام نفسه بثوبه الجديد ويصبر على أذاه الأكبر والأشد، ويصمت متخاذلا أمام الدماء التي تسفك والأعراض التي تنتهك، ظنا أنه يحفظ بذلك نفسه ويضمن ويحمي رزقه! فالنظام يهدد الناس في هذين الأمرين، والغريب أن النظام لا يملكهما بل هما بيد الله عز وجل وحده؛ فلا يملك النظام أخذ نفس أو حياتها ولا يستطيع منع رزقٍ كتبه الله لها ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾ وخوفكم على أرواحكم لا يحميها ولا يطيل عمرها ولا يمنع أجلها الذي كتبه الله لها وميتة الحر عزيزا خيرٌ من حياة الذل التي يمنيكم بها نظام الخيانة والعمالة الذي يحكمكم.
يا أهل الكنانة! والله لولا أرزاقٌ لكم عند الله عز وجل مكتوبة لبكيتم دماً حتى يلقمكم هذا النظام لقمة واحدة بل إنه يتعجب حيرة من صبركم على أذاه وتحملكم تجويعه وإفقاره لكم، فاحمدوا الله الذي يمدكم ويعينكم ويجبر كسركم، واعلموا أن أرواحكم وأرزاقكم بيد الله وحده لا بيد النظام، وهو وحده سبحانه من يكفلها ويضمنها لكم، واعملوا على تطبيق شرعه في دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة تحييكم وتنجيكم وتعيد لكم العزة والكرامة التي سلبها الغرب منكم وتنهي عقود الذل في ربقة التبعية له والاحتكام لنظامه الرأسمالي العفن الذي حول بلادكم إلى معتقلات كبرى؛ زنازينكم فيها منازلكم وحياتكم فيها كحياة العبيد إن لم تكن أقل! وجعل من جيوشكم زبانية وحراسا وجلادين؛ سلاحهم موجّه لصدوركم جاهز لحصاد أرواحكم حسب أوامر السادة أصحاب رأس المال.
يا أبناء جيش الكنانة! عار عليكم أن تكونوا حراسا لعدوكم عاملين على رعاية مصالحه حاملين لعقيدته حماة لها ولحملتها وجسرا يمهد الطريق لتطبيقها وبقائها في بلادكم، عار عليكم أن تكونوا محاربين لدينكم وعقيدتكم وحاجزا يحول دون تطبيقه في واقع الحياة، وجلادين وزبانية تركّعون شعوبكم لعدوها وعدوكم، إنكم مسئولون أمام الله عز وجل عن هذه الشعوب وخذلانكم لها وقعودكم عن نصرتها، فجهزوا أنفسكم للوقوف أمام الله عز وجل فرادى يوم العرض بلا جاه ولا مال ولا سلطان ولا نجوم ونسور وسيوف تحملونها على الأكتاف، بل دماء وأعراض ومظالم تثقل ظهوركم، فبماذا ستجيبون ربكم وهو سائلكم عنها لا محالة؟! وكيف ستجيبون من تعلق في أعناقكم أمام الله يسأله يا رب سل هذا فيم قتلني وسل هذا لماذا تركني وخذلني وسل وسل وسل؟! فمن وجد في نفسه طاقة لمواجهة سؤال الله هذا فليفعل ما يشاء والله لن يفلته، وإلا فابرؤوا وتبرؤوا عسى الله أن ينجيكم، أليس فيكم رجل رشيد يغضب لله ولحرماته التي تُنتهك فينتصر لهذه الأمة باقتلاع هؤلاء الحكام الخونة العملاء وتسليم الحكم للمخلصين من أبناء الأمة إخوانكم في حزب التحرير القادرين على قيادتها بالإسلام والنهوض بها وإعادتها إلى سابق عزها ومجدها سيدة للدنيا كما كانت خلافة راشدة على منهاج النبوة، دولة عز لا يظلم في ظلها أحد وينعم بخيرها كل البر والطير والشجر؟!!
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾
بقلم: الأستاذ عبد الله عبد الرحمن
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر
رأيك في الموضوع