فضح خبر منع معلمة مسلمة من ارتداء الخمار في ألمانيا، الذي نُشر يوم الأربعاء 9 أيار/مايو 2018م، فضح أكذوبة ما يسمى بالديمقراطية والحرية الغربية، ودعاوى حقوق الإنسان، فقد اتضح أن هذه الأفكار لا تشمل المسلم، وإنما هي مفصلة على مقاس المجتمع الغربي، حيث تذرَّع قضاة محكمة برلين في حكمهم بأن الحرية الدينية للشابة يجب ألا تعلو على حق ولاية برلين الإقليمية في تنظيم المدارس الابتدائية حسب ما يسمى بمبدأ الحياد الديني.
تلك البلاد الغربية التي يتشدق المنبهرون من العلمانيين بأفكارها هي البلاد ذاتها التي أجبرت امرأة مسلمة على نزع لباسها وتفتيشها كما فعلت الشرطة الفرنسية مع امرأة محجبة وإجبارها على "التعرّي" في شاطئٍ في نيس جنوب شرق فرنسا، بعنصرية وإذلال حيث وقف أكثر من 4 عناصر من الشرطة بجانب المرأة التي كانت تستريح على الشاطئ، وطلبوا منها خلع لباسها، ثم يقوم أحد الضباط بإصدار غرامة مالية بحقها.
وقالت المرأة: "كنت جالسة على الشاطئ مع عائلتي، وكنت أرتدي الخمار ولم يكن لدي نية للسباحة"، وفق ما نقلت صحيفة "الغارديان" وأضافت: "الناس من حولي راحوا يصرخون ويصفقون وطلبوا مني العودة إلى وطني، وابنتي تبكي..."
تأتي هذه الصور القبيحة لتكشف حقيقة المجتمع الغربي العلماني، التي يغرِّم مجموعة من السيدات لارتدائهن الخمار الإسلامي بمبرّر احترام مبادئ العلمانية الفرنسية. (سي إن إن العربية)، في وقت يهاجم فيه العلمانيون في البلاد الإسلامية أحكام الإسلام، واتهامها بالعنصرية، لأنها تضع عقوبات على الإلحاد، والتعري، وسب الدين...إلخ، فلماذا لا يحترم العلمانيون أو الملحدون الشريعة الإسلامية، وأحكامها، كما تطالب البلاد الغربية العلمانية، المسلمين باحترام قوانينها العلمانية المخالفة لدين المسلمين والمحاربة لتشريعات الخالق عز وجل؟؟؟ فيا سبحان الله!!!.
وقد ازدادت حدة الدعوة إلى إغلاق المساجد في البلاد الغربية، وكذا المضايقات بسبب اللحى، وخمار المسلمة، وإطلاق الرصاص على المسلمين، ممن يسمون باليمين المتطرف، أشهرها جريمة تشابل هيل التي قُتل فيها طلاب مسلمون؛ شاب، وزوجته، وأخت زوجته؛ في أمريكا في شباط/فبراير 2015م كجريمة بدافع الكراهية، حيث تجاهل الإعلام الغربي الحدث في البداية كالعادة، وقد نشر موقع ساسة بوست بتاريخ 12/2/2015م مقالا بعنوان: (حين تقتل ثلاثة مسلمين لن يدعوك أحد إرهابيًا.. القصة الكاملة لمقتل 3 مسلمين في أمريكا).
قالت المغردة هايا بركات: "لقد قتل قريبي وزوجته وأختها لأنهم مسلمون. فليخبرني أحدكم أنه لا وجود للعنصرية والكراهية"، وأردفت في تغريدة أخرى: "يجب إعادة النظر في قانون حمل الأسلحة في الولايات المتحدة. كم يجب أن يقتل من الأشخاص حتى تفهم الحكومة ما يحدث؟".
أما الدكتورة الصيدلانية مروة الشربيني التي قُتلت في ألمانيا، البلد الديمقراطي، فقد قُتلت بطريقة بشعة داخل قاعة محكمة، تحت أعين السلطات في مدينة درسدن الألمانية، لا لشيء سوى لأنها ترتدي الخمار الإسلامي، التي أرداها متطرف ألماني قتيلة في 1/7/2009م، الذي أرادت مقاضاته بسبب إهانة عنصرية ألحقها بها، فطعنها 18 مرة دون أن تحميها قوات الشرطة المنتشرة في المحكمة.
أما في كيان يهود المغتصب الذي يمدحه بعض الواهمين بأنه أكبر (دولة) ديمقراطية في الشرق الأوسط، فقد خرجت النساء فيه قبل أيام قليلة يتظاهرن ضد التحرش، والمطالبة بحمايتهن من قبل المتحرشين؛ ليكذّب ذلك الادعاء القائل بأنها دولة حقوق وقانون، وما هم إلا مجرمون، وقطاع طرق، والواقع يؤكد ذلك.
وليس غريباً أن تبلغ نسب الاعتداء على النساء في الجيش الأمريكي، في أكبر دولة ديمقراطية في العالم، كما كشفت وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون)، يوم الجمعة 17/11/2017م، عن وقوع ما يزيد عن 70 ألف اعتداء جنسي على مجندين أمريكيين خلال عام واحد.
هذا غير جرائم قادة المجتمع الغربي الذين يمثلون حقيقة الديمقراطية كفكر عاجز عن حماية الإنسان، وفاشل في تقديم الحلول والمعالجات لمشاكله. ففي مقابلة مع مجلة نيويورك، عام 1992، قال ترامب: (علينا أن نعامل النساء كما نعامل الزبالة)، وفي ذلك إشارة لأمرين: الأول احتقار النساء، والثاني إحساس أصحاب النفوذ والمال، كترامب، بأنهم قادرون على فعل ما يشاؤون بأجساد النساء.
(ولا تتوقف قضايا العنف الجنسي في الولايات المتحدة، سواء أكانت ضد الرعايا العاديين، أم حتى داخل صفوف الجيش الأمريكي أم في الحرم الجامعي أو الكونجرس نفسه، وإنما تمتد الاتهامات كذلك لتطال عددًا من الرؤساء، من توماس جيفرسون، أحد المؤسسين الأوائل لأمريكا، وصولًا إلى الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، ولاحقت الاتهامات ثمانية رؤساء أمريكيين، وبلغ إجمالها ما لا يقل عن 30 اتهامًا، بينهم: 24 اتهامًا بالتحرش الجنسي، وستة اتهامات بالاغتصاب). موقع ساسة بوست في 31/1/2018م. وفي تقرير آخر نشر في 10/3/2017م بعنوان: (جامعة هارفارد.. ساحة العلم و"الاغتصاب" أيضًا..)، كشف عن (تعرض نحو نصف نساء جامعة هارفارد اللاتي تخرّجن لتحرش جنسي في الجامعة، وأن 72.2% من الطالبات المشاركات في المسح، تعرضن لتحرش جنسي أثناء وجودهن فيها).
يحاول البعض الكذب على المسلمين بأن الديمقراطية هي فقط أسلوب سلمي لتداول السلطة والانتخاب، وهذه كذبة؛ لأن الديمقراطية هي أسلوب حياة، وطريقة عيش؛ تجعل التشريع للبشر وتُقصي رب البشر من الحكم والتشريع في أمور الحياة؛ بمعنى إبعاد أحكام الله تعالى عن التدخل في شؤون المجتمع؛ من حيث الحكم والسياسة، والقضاء، والاقتصاد ونحوها، وحصر الأحكام الشرعية فقط في النواحي التعبدية الفردية، وإنشاء برلمانات يجتمع فيها الرأسماليون، أصحاب الزعامة، والمال، ليقرروا للناس أي القوانين يجيزون وأيها يمنعون، فيحلوا ويحرموا بغير ما أنزل الله، وهذا هو سبب فساد المجتمعات الغربية التي تركت حكم الخالق، واتبعت حكم المخلوق العاجز المحتاج؛ الذي يتغير حسب تغير الزمان، وتبدل أوضاع الحياة. أما في دولة الخلافة الراشدة فلا تشريع إلا لله وحده، من كتابه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، حيث يستنبط المسلمون الأحكام والتشريعات لتنظيم شؤون حياتهم ليُرضوا بذلك الله تعالى. وصدق الله تعالى القائل: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.
بقلم: الأستاذ محمد جامع (أبو أيمن)
مساعد الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان
رأيك في الموضوع