(مترجم)
لقد تم الإعلان عن الزيارة من قبل مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية بهدف متابعة الاجتماع الذي عقده وزير الخارجية تيلرسون على وجه السرعة مع وزراء الخارجية الأفارقة في واشنطن في تشرين الثاني/نوفمبر 2017. وعلى الرغم من أن الاجتماع الوزاري تناول قضايا التجارة والتنمية والأمن إلا أن رحلة تيلرسون الأخيرة كانت مركزة بشكل كبير على التعاون الأمني ودعم أمريكا لشركائها الأفارقة الرئيسيين في القتال ضد حركة الشباب في الصومال وتنظيم بوكو حرام في شمال شرق نيجيريا ومنطقة بحيرة تشاد.
إن سياسة دونالد ترامب الخاصة بجعل "أمريكا أولا" تهدف إلى رؤية جميع المشاركين الآخرين سواء الحلفاء أو الأعداء على أنهم أحجار في لعبة الشطرنج السياسية الأمريكية العالمية معه بوصفه سيد الشطرنج. وبوضع مثل هذه السياسة في الاعتبار يجب على أمريكا أن تعطي سلطتها طابعا مميزا بحيث ينظر إليها على أنها الضامن للأمن في العالم. وتحقيقا لهذه الغاية، تعمل على تجديد وإعادة صياغة سياستها لتصبح رقم واحد وذلك لضمان عدم تمكين الإسلام كأيديولوجية بديلة للرأسمالية العلمانية والتي تناضل أمريكا وحلفاؤها من أجل إبقائها سائدة بسبب انهيارها الوشيك. لقد قررت أمريكا زيارة عملائها الأفارقة الذين يطلق عليهم الشركاء الرئيسيون في الحرب ضد (الإرهاب) بتقديم اقتراح لكل من الشركاء على النحو التالي:
أولاً: إن إثيوبيا التي تملك أكبر جيش في المنطقة وأكثرها فعالية تقاتل حركة الشباب منذ عام 2008. وتشهد البلاد توترًا سياسيًا وشكوكًا، ولكن تركيز تيلرسون في أديس أبابا كانت تهيمن عليه المخاوف الأمنية. وقد استخدم زيارته لإعادة تأكيد دعم أمريكا للحكومة وتحذير الحكومة من عدم السماح للقضايا السياسية الداخلية بصرف الانتباه عن جهود مكافحة (الإرهاب) في المنطقة.
ثانياً: كانت جيبوتي وهي بلد صغير يبلغ عدد سكانه أقل من مليون نسمة مركز العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة، وموقعاً استراتيجي شمال الصومال وعبر البحر الأحمر بدل اليمن الذي مزقته الحرب.
جيبوتي هي موطن لعدة آلاف من القوات الأمريكية في معسكر ليمونير، وهو أكبر تركيز للجنود الأمريكيين في أفريقيا. ما دامت حركة الشباب تشكل تهديدًا في الصومال سيكون مخيم ليمونير حجر الزاوية في شبكة الدفاع الأمريكية في المنطقة. كان الهدف من زيارة تيلرسون لجيبوتي هو مواجهة النفوذ والوجود المتنامي للصين في ذلك البلد. وفي العقد الماضي ضخت الصين ملايين الدولارات للبلد الصغير وعملت بنشاط على تغيير مكانتها لتكون الشريك الإنمائي الأول لأمن جيبوتي. وقد استكملت بكين مؤخرا مشروعين كبيرين في جيبوتي: خط سكة حديد بملايين الدولارات في إثيوبيا غير الساحلية وأول قاعدة عسكرية خارجية في الصين، وهو مجمع مترامي الأطراف ينافس الولايات المتحدة.
ثالثا: كينيا التي كانت هدفا للعديد من الهجمات الإرهابية المروعة لحركة الشباب، وهي لديها عدة آلاف من الجنود في الصومال كجزء من بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال. وفي الآونة الأخيرة فإن بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميسوم) التي تفصل بينها قوات الدفاع الكينية؛ قد اعترفت بأن الجدول الزمني للانسحاب من الصومال بحلول عام 2020 غير واقعي. ذهب تيلرسون لطمأنة كينيا، أقدم شريك أمريكي في المنطقة من أن دعم واشنطن مستمر للجيش والمخابرات وكذلك التمويل للبقاء ومواصلة القتال في الصومال.
رابعًا: لم تكن العلاقات الأمنية بين نيجيريا وأمريكا ضحلة على الدوام، وقد غضب المسؤولون النيجيريون من القيود الأمريكية السابقة على شراء واقتناء المعدات العسكرية الأمريكية وخاصةً أصول الطيران. وذهب تيلرسون ليؤكد دعم أمريكا لنيجيريا في الوقت الذي يشجع فيه المسؤولون على تكثيف قتالهم ضد بوكو حرام وتعزيز التنسيق مع الدول في المنطقة التي يعمل فيها بوكو حرام.
خامسًا: تشاد العضو الأكثر فاعلية في مجموعة الدول الخمس (الشبكة الإقليمية لمكافحة الإرهاب) التي تديرها خمس دول والتي تعمل ضد بوكو حرام في المنطقة، تعرضت تشاد للتشويه والفصل من جانب إدارة ترامب كواحدة من ثمانية بلاد إسلامية إلى حد كبير. والتي يخضع رعاياها لحظر السفر إلى أمريكا. ذهب تيلرسون ليشكر المسؤولين التشاديين على الدور الذي يلعبونه في محاربة بوكو حرام بينما يطمئنهم بهدوء بأن وزارة الخارجية ستفعل كل ما في وسعها لإزالة تشاد من قائمة الدول المتأثرة بحظر السفر.
في الخلاصة، على الرغم من المحاولات العديدة من قبل الأيدي الدموية للقيادة الأمريكية وحلفائها من أجل دعم أيديولوجيتهم الرأسمالية العلمانية والتي لن تنجو من الانهيار، فإن الأمة الإسلامية ستظل صامدة وتكشف كل المناشدين الزائفين الذين يعارضون استيقاظها وتبنيها لمشروع الخلافة على منهاج النبوةالقائمة قريبا بإذن الله سبحانه وتعالى. ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونُ﴾.
بقلم: الأستاذ علي ناصورو علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في كينيا
رأيك في الموضوع