بعد أن فشلت أمريكا في إزاحة نفوذ الإنجليز في اليمن نهائياً بمنطق قوة الحوثيين التي طردت بها هادي وآل الأحمر إلى الخارج، أما صالح فقد أوعزت له بريطانيا أن يتحالف مع الحوثيين حتى لا ينفردوا بالسلطة كاملة في اليمن، فاستخدمت أمريكا منطق القوة عن طريق عميلها سلمان ملك السعودية لإزاحة صالح لينفرد الحوثي بالحكم فيصبح النفوذ في اليمن أمريكياً خالصاً ولكنها لم تنجح؛ فقد اصطدمت بنفوذ إنجليزي قوي ووسط سياسي يسير في ركابها فكانت المفاوضات إلى جانب الحرب. ورغم أن بريطانيا وعملاءها كانوا يتظاهرون أنهم يؤيدون ولد الشيخ في إدارة المفاوضات لحل النزاع الدامي في اليمن ثم يقومون بإفشالها فكان مصير كل المفاوضات الفشل الذريع حتى الآن، إلا أن أمريكا اعتبرت ذلك نجاحا، فقد استطاعت ترويض عملاء الإنجليز وأتباعهم على القبول بالحوثي واعتباره نداً سياسيا لهم رغم نعتهم للحوثيين بالانقلابيين. وكانت أمريكا ترى أن هذه الخطوة (الترويض) سيتبعها الضغوطات الشديدة عليهم بشكل مستمر وتهديدهم بالتدخل العسكري الذي يجعلهم يقبلون بمشاركة الحوثيين في الحكم. ثم جاءت بخارطة الطريق الأمريكية التي تسميها زوراً وبهتاناً بالأممية مع العلم أن هيئة الأمم المتحدة منظمة نصرانية بغطاء دولي. وسواء أطلق على الحلول الأمريكية مبادرة كيري أو خارطة ولد الشيخ، فهي تعني إشراك الحوثيين في الحكم قبل تسليم السلاح والخروج من المدن، فإذا تمكنوا من الانفراد بالسلطة أخرجوا منها كل خصومهم فأصبحت السلطة لهم وحدهم وأصبح النفوذ في اليمن أمريكياً خالصاً، ومعناها استمرار نزيف الدماء وزرع الأحقاد والضغائن في قلوب الإخوة الأشقاء وتحويلهم إلى ألد الأعداء، ومعناها استمرار الصراع وتزايد الانفجارات والاغتيالات السياسية وتصفية الحسابات واستمرار القتال في الجبهات لتفتيت الأمة وتمزيقها إلى أقاليم أو دويلات، ومعناها إذلال الأمة وإفقارها والتحكم بلقمة عيشها وتوقيف المرتبات وقتل الناس في الصالات ونهب الثروات ورفع الأسعار واختفاء المشتقات النفطية وزيادة المعاناة وقتل الأبرياء وهم في انتظار استلام مرتباتهم ليوفروا لأسرهم الاحتياجات كما حدث في انفجار أمس في عدن الذي أدى إلى قتل وجرح العشرات. وهي شرعنة للانقلابات وتدمير الممتلكات العامة والخاصة. وأشد من ذلك الحكم بشريعة الغاب وترك شريعة الله العزيز الوهاب...
أما موقف المتصارعين من خارطة الطريق؛ فالحوثيون يؤيدونها فهي في صالحهم لأنها تضفي عليهم صفة الشرعية التي يسفكون الدماء من أجل الوصول إليها لكي يلبسوها فتذهب عنهم صفة الانقلابيين. فقد اعتبرها عضو المجلس السياسي للحوثيين ضيف الله الشامي بقوله (يمكن أن تكون أرضية لاستئناف المفاوضات اليمنية)، كما دعا الشامي الولايات المتحدة الأمريكية أن تضغط على الأطراف الأخرى للالتزام بما تم التوصل إليه في مسقط مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.
أما موقف هادي وحكومته وبريطانيا فهو الرفض الشديد لها فذلك في نظر بريطانيا انتقاص لنفوذها السياسي في اليمن، وعلي محسن يشيد بجهود بريطانيا في إحلال السلام ودعم الشرعية في اليمن.
كما رفض هادي خارطة الطريق معتبراً أنها (تكافئ الانقلابيين وتعاقب في الوقت نفسه الشعب اليمني)، وأضاف (إنها ليست إلا بوابة نحو مزيد من المعاناة والحرب) وأعرب عن عدم قبوله لها.
أما ميدانياً فالحرب لا زالت مشتعلة في مختلف الجبهات وقوات هادي تتقدم في تعز وصعدة في البقع وباقم، أما في شبوه فقد استعادت مواقع كثيرة وهي تفرض سيطرتها في الجنوب ومأرب والجوف وتحاصر صنعاء ولا يمنعها من دخولها إلا الضغوطات الأمريكية الشديدة كما عبر عن ذلك اللواء خصروف وهو من قيادات المقاومة.
أما إنسانياً فالمليشيات لم تصرف المرتبات للموظفين منذ عدة شهور، وحياة الناس تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، فأمريكا تنتهج سياسة الإفقار والتجويع حتى يقبل الناس بحكم الحوثي ومشاركته في السلطة.
والخلاصة:
إن خارطة الطريق الأمريكية هي لإضفاء الشرعية على الحوثيين وفرض الحلول الأمريكية على أهل اليمن وزيادة معاناتهم وتركيعهم وإذلالهم وحكمهم بقوانين الكفر في دولة مدنية علمانية تجعل المسلم مشركاً بالله يحتكم إلى غير شريعته، ولا يتوقف الصراع الإنجلو-أمريكي بكل صوره القذرة فتسفك الدماء وتصبح البلاد نهباً لكل طامع وميداناً لكل متصارع، والمخرج من هذا الشقاء هو بالوعي السياسي على خطورة هذا الصراع واستمراره والسعي للتغيير الحقيقي، ولا يكون ذلك إلا بأمرين اثنين هما:
1- أن يتخلى أهل اليمن وهم أحفاد أنصار الرسالة وأهل الإيمان والبسالة، أن يتخلوا عن العملاء فلا يستطيعون تنفيذ مخطط واحد فيسقطوا إلى غير رجعة.
2- أن يعملوا مع إخوانهم في حزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة فيفوزوا في الدنيا والآخرة، وذلك الفوز العظيم.
بقلم: شايف صالح
رأيك في الموضوع