منذ بدء العمليات العسكرية لاستعادة الموصل من تنظيم الدولة، يوم الاثنين 17/10/2016، تدور أحاديث قصيرة عند عدد من الموضوعات التي برزت مع بدء المعركة، منها: مسألة النازحين المتوقع خروجهم من الموصل، حيث تضاربت التوقعات في تقدير هذا العدد بين منظمات اللاجئين، فمنهم مَنْ قدّر العدد بمائة الف، وآخر قال: مئتي ألف، وبالغ آخرون بالقول: إنَّ العدد قد يصل إلى مليون نازح!!
هذه التقديرات جرى قياسها على معارك كالتي حصلت في الأنبار وصلاح الدين، متناسين أن دخول التنظيم إلى الموصل لم يؤد إلى نزوح عدد كبير من السكان، والكثير من الذين تركوا المدينة عندما احتلها التنظيم قد عاد إليها بسبب افتقادهم للمأوى، وهذا الأمر يجعل الناس تفضل البقاء في مساكنها عند احتدام المعارك داخل الموصل نفسها، علماً أنَّ الحكومة العراقية هي الأخرى في حالة تخبط حيال هذا الأمر، فالطائرات العراقية أسقطت منشورات تطالب الأهالي بالبقاء في منازلهم وعدم النزوح، في حين إنَّ رئيس الوزراء العراقي (حيدر العبادي) طلب من القوات الأمنية، بعد بدء العمليات العسكرية تأمين ممرات آمنة للسكان النازحين، ثمَّ يعود مرة أخرى ويطلب من سكّان الموصل عدم مغادرتها، وإزاء ذلك فمن المستبعد نزوح أعداد كبيرة من السكان.
المسألة الثانية الفصائل المشاركة في العمليات العسكرية: إذ نجد أطرافاً عديدة طلبت المشاركة وبقوة، منها بتنسيق مع الجيش والشرطة كما حدث في شرق الموصل مع مليشيا الحشد الشعبي التي تدعمها إيران والتي حدد لها مناطق جنوب الموصل وخاصة في القيارة ومهمتها حماية طريق الإمدادات رغم أنها اشتركت بالقصف المدفعي والصاروخي، وهذه المليشيات يصعب السيطرة عليها من قبل الحكومة كما جرى في ديالى وصلاح الدين والأنبار، وهناك قوات فرنسية وكندية تعمل بالتنسيق مع القوات الأمريكية وشاركت في القصف المدفعي قبل بدء المعركة رسمياً بيوم واحد.
وفي معسكر بعشيقة هناك القوات التركية التي بدأت يوم الأحد 23/10/2016، بالقصف المدفعي، علماً أن الطيران التركي اشترك في القصف قبلها مع قوات التحالف، علماً أن العراق أعلن أكثر من مرة عدم ترحيبه باشتراك القوات التركية في العلمليات العسكرية.
إن سير المعركة جرى رسمه من قبل المحتل الأمريكي، وهو الذي وزع الأدوار على مختلف الأطراف التي لا رابط بينها ظاهرياً.
إنَّ معركة إخراج التنظيم من الموصل يجري استغلالها من قبل الأطراف الدولية والمحلية كلٌّ حسب مصلحته؛ ولذلك نجد أنَّ هناك عدم توافق بين الأطراف المشاركة وخاصة بين العراق وتركيّا، وداخل العراق بين السلطة المركزية وإقليم كردستان، وكذلك بين الأطراف السياسية العراقية وبرز ذلك كله مع قرب انتهاء دور تنظيم الدولة في العراق؛ ولذلك يجري الحديث بشكل علني لفترة ما بعد خروج التنظيم من الموصل مما يجعل الانقسام العرقي والطائفي يطغى على السطح ويهدد ببروز مشاكل لا يُحمد عقباها، ومن ثمَّ يجعل الطريق مفتوحا لتقبل فكرة تقسيم البلد على أساس عرقي وطائفي.
إنَّ ما يجري في العراق ليس بعيداً عما يجري في سوريا واليمن وليبيا وغيرها من بلاد المسلمين، صراع دولي بأدوات محلية ليقتل المسلمون بعضهم بعضاً، ويتمكن أعداؤهم من الكفار من رقابهم وأرضهم وخيراتهم، وبقاء المسلمين تحت (رحمتهم).
إنَّ المسلمين لا خلاص لهم في هذه الأحوال إلا بنبذ خلافاتهم، والعودة للتمسك بدينهم وإيجاده في واقع الحياة والدولة والمجتمع عن طريق استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فتقتلع الكافر المستعمر وأذنابه وعملاءه من الجذور، وتنهض بالبلاد والعباد، وتحمل دعوة الخير إلى العالم أجمع، ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.
رأيك في الموضوع