رفض رئيس ما يسمى بالشرعية عبد ربه منصور هادي وحكومته مبادرة المبعوث الأممي لدى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وفق ما أوردت وكالة الأنباء اليمنية التابعة لما يسمى (بالشرعية)، السبت الماضي.
ونقلت الوكالة أن الرئيس هادي استقبل بحضور نائبه الفريق الركن علي محسن صالح، ورئيس مجلس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، واستعرض في اللقاء "الخطوات والتنازلات التي قدمتها الحكومة، في مسارات السلام ومحطاته المختلفة بغية حقن الدماء اليمنية، ووضع حد للمعاناة التي يتجرعها أبناء الشعب اليمني، جراء الحرب الظالمة للقوى الانقلابية التابعة للحوثي وصالح ومن يساندهم".
وتطرق هادي حسب الوكالة إلى التعاطي الإيجابي للحكومة (الشرعية) مع الرؤى المقدمة من المبعوث الأممي سابقاً لالتزامها "ولو باليسير من المعقول والمنطق على العكس تماماً مما يُقدم اليوم من أفكار تحمل اسم خارطة الطريق، البعيدة كل البعد عن ذلك"، والتي لا تحمل "في المجمل إلا بذور حرب، لو وقع استلامها أو قبولها، أو التعاطي معها".
هذا وكان المبعوث الأممي ولد الشيخ قد غادر العاصمة اليمنية صنعاء بعد زيارة رسمية لليمن استمرت يومين التقى خلالها زعامات الانقلابيين الحوثيين والرئيس المخلوع علي صالح، وسلمهم مشروع الحل الشامل للأزمة اليمنية المتضمن رؤية الأمم المتحدة.
وحسب تسريبات لمصادر ومواقع إعلامية محلية وعالمية، فإن المبادرة تتكون من 6 نقاط رئيسية، الأولى تتعلق بالرئيس هادي، بحيث يتم الاعتراف به رئيسا انتقاليا بسلطات محدودة، واختيار نائب جديد للرئيس بتوافق جميع الأطراف السياسية.
وتنص النقطة الثانية على تشكيل لجنة عسكرية وأمنية عليا تتولى الإشراف على الانسحاب من المدن وتسلُّم الأسلحة الثقيلة، في حين تتضمن النقطة الثالثة، تشكيل حكومة وحدة وطنية بالمناصفة بين تحالف (الشرعية) وتحالف الحوثيين وحلفائهم، على أن يبدأ المسلحون الحوثيون وحلفاؤهم الانسحاب من المناطق المصنفة تحت الفئة "أ"، وهي - صنعاء وتعز والحديدة خلال شهر واحد على الأكثر.
كما تنص المبادرة على تعديل مسودة الدستور الاتحادي وفقا للتوافقات التي تمت خلال مؤتمر الحوار الوطني وأن لا يتجاوز ذلك شهرا واحدا عقب توقيع اتفاق التسوية، ثم بعد ذلك يتم إجراء انتخابات تحت إشراف دولي بعد سنة واحدة من سريان مفعول الاتفاق.
إنه من الواضح أن المبادرة الأممية التي يعمل عليها ولد الشيخ ليست إلا مبادرة أمريكية كان قد طرحها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أثناء زيارته للرياض مؤخرا، حيث سربت حينها مواقع إعلامية عالمية كموقع قناة البي بي سي البريطانية بنود تلك الخطة وأنها تستهدف هادي ونائبه علي محسن الأحمر وتشرعن للحوثيين، فيما نفت وزارة الخارجية الأمريكية صحة المعلومات التي حصلت عليها بي بي سي حول تفاصيل المبادرة الجديدة التي أعلن عنها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في زيارته للرياض مؤخرا لإنهاء الحرب في اليمن. وها هي نفس تلك التسريبات تعود للظهور من جديد مما يوحي بأن ما يسرب إنما هو تأكيد على ما يدور من خلف الكواليس وليس مجرد تكهنات.
لقد قال جون كيري سابقا في الرياض إن "الاتفاق الجديد حول حلّ الأزمة اليمنيّة يمنح الحوثيّين فرصة المشاركة في حكم البلاد وما لم يتم ذلك فستسوء الأمور أكثر في اليمن"، مشدّداً في الوقت نفسه على أنّهم يُشكّلون "أقليّة" في اليمن.
وأوضح أن المقاربة هي ذات "مسارين أمني وسياسي يتقدمان بالتوازي لتوفير تسوية شاملة"، مشيراً إلى أن دول مجلس التعاون "وافقت بالإجماع على هذه المبادرة الجديدة".
إن الصراع الإنجلو أمريكي في اليمن قد أهلك البلاد والعباد وأصبح الناس يبحثون عن لقمة العيش فلا يجدونها إلا بعد عناء في ظل الوضع السياسي والاقتصادي والأمني والصحي الذي لا يطاق، خاصة مع الحرب الاقتصادية التي تقوم بها أطراف الصراع في اليمن ضد أهله ومع عدم صرف المرتبات وغلاء المشتقات وانتشار الأمراض الفتاكة وعدم توفر الأدوية والمستشفيات، فلا عدن ثغر اليمن مبتسمة ولا صنعاء في هناء بل إن أهل اليمن جميعا يعيشون في شقاء على شقاء!!
إن أمريكا تسعى لتبيت الحوثيين في الحكم وإشراكهم فيه على حساب عملاء الإنجليز هادي وحكومته، ولعل الأيام القادمة ستكشف ما إذا كانت السعودية تستطيع الضغط على هادي وحكومته للقبول بالحل الأمريكي المسموم، حيث قد بدأت بوادر ذلك تلوح ورائحته تفوح، أما بريطانيا التي تعمل بجناحين في اليمن جناح هادي وجناح علي صالح فهي ستلعب بكليهما وهي ترى أن ورقة علي صالح يمكن الاعتماد عليها في حال كانت الضغوطات الأمريكية ستؤتي ثمارها، خاصة في ظل الاجتماعات الرباعية الأمريكية البريطانية السعودية الإماراتية المتكررة لإيقاف الحرب والتوافق بشأن حل سلمي للأزمة.
في ظل هذه الحلول الأمريكية المسمومة فإن على أهل اليمن أن يدركوا أن خلاصهم لن يكون إلا بتفعيل إيمانهم وحكمتهم التي وصفهم بها رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، فليعودوا للعقيدة الإسلامية وأحكامها الشرعية التي فيها المعالجات الصحيحة لكل خلافاتهم وليحكموا شرع الله فيما بينهم ويقطعوا يد الأجنبي وأنظمته العميلة عن شؤونهم وقضاياهم وليفكروا بمسئولية وجدية في قضاياهم المصيرية والتي أهمها استئناف الحياة الإسلامية بإقامتهم لدولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؟!!
بقلم: عبد المؤمن الزيلعي
رأيك في الموضوع