لقد عالج الرأسماليون وأشباههم أزمة كورونا على ثلاث مراحل:
الأولى التكتم على الموضوع... والثانية الحجر الصحي والعزل الجزئي... والثالثة العزل شبه الكامل في البيوت.
وبتدبر هذه المعالجات الثلاث يتبين أنها لا تحل المشكلة، بل هي ستزيد فشل الاقتصاد فشلاً آخر، ثم تضاعف من هذا المرض ومن الملل والسأم الذي يصيب الناس كما أصبحنا نسمع عن حالات في المجتمع الرأسمالي...
ولذلك فإن العلاج الصحيح لهذا المرض هو كما جاء في شرع الله سبحانه بأن تتابع الدولة المرض من بدايته وتعمل على حصر المرض في مكان نشوئه ابتداءً ويستمر الأصحاء في المناطق الأخرى في العمل والإنتاج.
روى البخاري في صحيحه عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا»، وفي حديث آخر عند البخاري ومسلم واللفظ لمسلم عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «الطَّاعُونُ رِجْزٌ أَوْ عَذَابٌ أُرْسِلَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَاراً مِنْهُ»، وفي رواية أخرى للبخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ صلى الله عليه وسلمقَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الطَّاعُونِ فَأَخْبَرَنِي «أَنَّهُ عَذَابٌ يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِراً مُحْتَسِباً يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُصِيبُهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ».
فهذا نوع من الحجر الصحي في دولة كانت متقدمة على جميع الدول، وفي دولة حضارية من الطراز الأول قائدها نبي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه وهو يطبق الإسلام ليكون قدوة حسنة في التطبيق. ذكر ابن حجر في فتح الباري أن عمر رضي الله عنه خرج إلى الشام فلما جاء سرْغ بلغه أن الوباء وقع بالشام، فأخبره عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَاراً مِنْهُ» فرجع عمر بن الخطاب... أي لما جاءه الخبر بأن الطاعون قد انتشر رجع بالمسلمين...
وعليه فإن على الدولة في الإسلام حصر المرض في مكانه وأن يبقى سكانه فيه ولا يدخل عليهم سكان آخرون... وأن تقوم الدولة بواجبها الشرعي فهي دولة رعاية وأمانة، فكما تقوم بهذه الإجراءات عند تفشي الأوبئة المعدية تقوم بتأمين الرعاية الصحية من التطبيب والدواء مجانا لكافة رعاياها وتقيم المستشفيات والمختبرات الطبية وغيرها من الحاجيات الأساسية لرعايا الدولة كالتعليم وحفظ الأمن...
هكذا يكون الإجراء الصحيح بأن يعزل المرض المعدي في مكانه ويحجر على المرضى صحياً ويتابعوا بالرعاية والعلاج مجاناً، ويستمر الأصحاء في عملهم وتستمر الحياة الاجتماعية والاقتصادية كما كانت عليه قبل المرض المعدي لا أن تتوقف حياة الناس العامة ويعزلوا في البيوت ومن ثم تُشل الحياة الاقتصادية أو تكاد فتزداد الأزمة استفحالاً وتظهر مشكلات أخرى...
من جواب سؤال أصدره أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة
رأيك في الموضوع